غفران الذنوب
لكى يغفر الله للمسلم أى ذنب فهناك واجبات على المذنب وهى :
الأول :
الاستغفار من الذنب والاستغفار يعنى :
أن يطلب المذنب من الله أن يغفر له الذنب بقول ما مثل :
اغفر لى
سامحنى
اعفو عنى
امحو ذنبى
وهذا الطلب لابد أن يكون باخلاص والمقصود :
أن تكون نية المستغفر عدم العودة للذنب
وفى وجوب الاستغفار قال سبحانه :
" وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا"
وقال سبحانه :
" واستغفر لذنبك "
وهذا الاستغفار هو :
التوبة ومن يظن أنه إذا لم يستغفر الله للذنب وعمل صالحا بعده فإن الله يغفر له مخطىء فلابد من التوبة وهى الاستغفار حتى يبدل الله السيئات حسنات كما قال سبحانه :
"مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا"
ومن ثم الحسنات لا تمحو السيئات وحدها وإنما لابد قبلها من الاستغفار بإخلاص ومن ثم القول السابق يفسر قوله تعالى :
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
وصيغ الاستغفار متعددة كما سبق القول فى ذكر بعضها ومنها فى كتاب الله :
" واغفر لى خطيئتى يوم الدين "
وقال :
"ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا"
وقال :
"رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ"
وقال :
"رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا"
الثانى :
عمل كفارات الذنب والكفارة على حسب الذنب فمثلا :
الحنث فى اليمين كفارته :
اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم او تحرير رقبة لمن معه مال وأما ليس معه مال فعليه بالصوم ثلاثة أيام كما قال سبحانه :
"يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ"
ومثلا من ظاهر من زوجته كفارة ذنبه:
اطعام ستين مسكينا أو تحرير رقبة ومن ليس معه مال يصوم شهرين أى 60 يوم مكان الستين مسكينا كما قال سبحانه:
"وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
ومثلا من سرق مالا من أحدهم إذا كان المال موجودا عنده فلابد من اعادة المال إلى أصحابه وإما إذا لم يكن معه مال فهو دين فى رقبته يسدده متى تواجد معه مال حلال لأنه لا يجوز أكل المال بالباطل وهو الذنوب كما قال سبحانه :
"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
ومثلا من شتم أحد أو سخر منه أمام الناس كفارته أن يذهب إليه ويطلب منه أن يشتمه ويسبه كما سبه أمام الناس أو يعفو عنه كما قال سبحانه :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "
وقال عن العفو وهو الصبر عقب القول السابق:
"وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ"
وقال مفسرا :
"وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"
وأيضا من ضمن العقاب أن يرد المضروب على ضاربه بنفس العدد والمكان المضروب فيه فى جسمه وكذلك الجروح وغيرها مما قال الله فيه :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وقال أيضا :
" والجروح قصاص"
وهناك ذنوب نرتكبها فى حق الآخرين لا كفارة لها إلا الاستغفار لأنه لا يوجد لها كفارات نعرفها كما لا ينفع الاعتراف بها لأصحابها مثل :
أن ينظر الإنسان لزوجة أو أخت أحدهم نظرة محرمة
فلا ينفع فى هذا الذنب الاعتداء المساوى وهو العقاب المساوى لأن الذهاب لزوج المرأة أو أخوها أو أى قريب لها والاعتراف له سيتسبب فى الكراهية والبغضاء فيما بينهم وهذا هو فعل الشيطان كما قال سبحانه :
" إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم "
كما لا يباح أن نطلب منهم أن يفعل الذنب فى زوجة الرجل أو أخته لأن المسلمين لا يأمرون بالمنكر وإنما المنافقون كما قال سبحانه :
" المنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ"
وهناك ذنوب ليس لها بعد الاستغفار سوى طلاق الزوجة وهو زنى الزوج لأنه لا يجوز لزانى أن يبقى مع زوجة عفيفة كما قال سبحانه :
" الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"
والزوجة الزانية بعد استغفارها عليها أن تطلب الطلاق من زوجها العفيف وتتنازل له عن المهر طبقا للآية السابقة
والكلام هنا عمن لم تثبت عليه الجريمة بأربعة شهود وإنما كما يقال ستر الله عليهم لأن الثابت بالشهود يحدث فيه الفراق والطرد من منزل الزوجية ورد المهر ويكون فضيحة أما من شهدوا جلد الزناة
وأما ذنب القتل العمد فالله يغفره مرة واحدة لمن استغفر والمقصود تاب باخلاص شرط أن يذهب لأهل القتيل ويحكمهم فيه بقتله أو العفو عنه لأن الله يغفر كل الذنوب التى استغفر صاحبها منها كما قال سبحانه :
"قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
وفى تلك الحالة يغفر له ولا يعود الله لغفران ذنب القتل العمد ويستحق القاتل عليه دخول جهنم لأنه أصر على ارتكاب نفس الذنب
وكل الذنوب التى فيها كفارات يظل قبول استغفار الإنسان منها متوقفا على تنفيذ الكفارات فإذا لم يقم الإنسان بفعل الكفارات المطلوبة منه فكأنه لم يستغفر ولم يتب لأنه فى تلك الحالة مصر على الذنب وهى الحالة المعروفة باسم :
الارتداد عن الدين وفى هذا قال سبحانه :
"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
كمثال :
من ذهب إلى الحج وقد أخطا فى فلان بالسب أو أكل مال فلان بالباطل ولم يستغفر الله ولم يعد المال لصاحبه قبل حجه فهذا لا يغفر ذنبه ولا يقبل منه حج
فالذنوب لابد أن تكون التوبة منها بالاستغفار وتنفيذ الكفارات المطلوبة وإلا فلا غفران لأهلها
ومن ثم وجدنا الله لا يغفر للمنافقين والمنافقات لأنهم لا يستغفرون لأنفسهم كما طلب الله فى قوله :
"وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا"
ومن لا يفيد استغفار المسلم لأيا كان ما لم يستغفر هو الله ولذا أكد الله على رسوله(ص) أن استغفاره للمنافقين مهما بلغ من مرات الاستغفار لن يفيدهم بأى شىء فالله لن يغفر لهم لأنهم أصروا على ذنوبهم ولم يطلبوا من الله أن يغفرها لهم حيث قال سبحانه :
"اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"
ولذلك أيضا منع استغفار المسلمين للمشركين سواء كانوا أقاربهم أم لا حيث قال سبحانه:
"مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ"
وأما المؤمنين والمؤمنات فقد أباح الله أن يستغفروا لبعضهم البعض الذنوب لأنهم يستغفرون لأنفسهم حيث قال :
" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ"
وقال أيضا :
قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ
اللهم آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
لكى يغفر الله للمسلم أى ذنب فهناك واجبات على المذنب وهى :
الأول :
الاستغفار من الذنب والاستغفار يعنى :
أن يطلب المذنب من الله أن يغفر له الذنب بقول ما مثل :
اغفر لى
سامحنى
اعفو عنى
امحو ذنبى
وهذا الطلب لابد أن يكون باخلاص والمقصود :
أن تكون نية المستغفر عدم العودة للذنب
وفى وجوب الاستغفار قال سبحانه :
" وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا"
وقال سبحانه :
" واستغفر لذنبك "
وهذا الاستغفار هو :
التوبة ومن يظن أنه إذا لم يستغفر الله للذنب وعمل صالحا بعده فإن الله يغفر له مخطىء فلابد من التوبة وهى الاستغفار حتى يبدل الله السيئات حسنات كما قال سبحانه :
"مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا"
ومن ثم الحسنات لا تمحو السيئات وحدها وإنما لابد قبلها من الاستغفار بإخلاص ومن ثم القول السابق يفسر قوله تعالى :
"إن الحسنات يذهبن السيئات"
وصيغ الاستغفار متعددة كما سبق القول فى ذكر بعضها ومنها فى كتاب الله :
" واغفر لى خطيئتى يوم الدين "
وقال :
"ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا"
وقال :
"رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ"
وقال :
"رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا"
الثانى :
عمل كفارات الذنب والكفارة على حسب الذنب فمثلا :
الحنث فى اليمين كفارته :
اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم او تحرير رقبة لمن معه مال وأما ليس معه مال فعليه بالصوم ثلاثة أيام كما قال سبحانه :
"يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ"
ومثلا من ظاهر من زوجته كفارة ذنبه:
اطعام ستين مسكينا أو تحرير رقبة ومن ليس معه مال يصوم شهرين أى 60 يوم مكان الستين مسكينا كما قال سبحانه:
"وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
ومثلا من سرق مالا من أحدهم إذا كان المال موجودا عنده فلابد من اعادة المال إلى أصحابه وإما إذا لم يكن معه مال فهو دين فى رقبته يسدده متى تواجد معه مال حلال لأنه لا يجوز أكل المال بالباطل وهو الذنوب كما قال سبحانه :
"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
ومثلا من شتم أحد أو سخر منه أمام الناس كفارته أن يذهب إليه ويطلب منه أن يشتمه ويسبه كما سبه أمام الناس أو يعفو عنه كما قال سبحانه :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "
وقال عن العفو وهو الصبر عقب القول السابق:
"وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ"
وقال مفسرا :
"وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"
وأيضا من ضمن العقاب أن يرد المضروب على ضاربه بنفس العدد والمكان المضروب فيه فى جسمه وكذلك الجروح وغيرها مما قال الله فيه :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وقال أيضا :
" والجروح قصاص"
وهناك ذنوب نرتكبها فى حق الآخرين لا كفارة لها إلا الاستغفار لأنه لا يوجد لها كفارات نعرفها كما لا ينفع الاعتراف بها لأصحابها مثل :
أن ينظر الإنسان لزوجة أو أخت أحدهم نظرة محرمة
فلا ينفع فى هذا الذنب الاعتداء المساوى وهو العقاب المساوى لأن الذهاب لزوج المرأة أو أخوها أو أى قريب لها والاعتراف له سيتسبب فى الكراهية والبغضاء فيما بينهم وهذا هو فعل الشيطان كما قال سبحانه :
" إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم "
كما لا يباح أن نطلب منهم أن يفعل الذنب فى زوجة الرجل أو أخته لأن المسلمين لا يأمرون بالمنكر وإنما المنافقون كما قال سبحانه :
" المنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ"
وهناك ذنوب ليس لها بعد الاستغفار سوى طلاق الزوجة وهو زنى الزوج لأنه لا يجوز لزانى أن يبقى مع زوجة عفيفة كما قال سبحانه :
" الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"
والزوجة الزانية بعد استغفارها عليها أن تطلب الطلاق من زوجها العفيف وتتنازل له عن المهر طبقا للآية السابقة
والكلام هنا عمن لم تثبت عليه الجريمة بأربعة شهود وإنما كما يقال ستر الله عليهم لأن الثابت بالشهود يحدث فيه الفراق والطرد من منزل الزوجية ورد المهر ويكون فضيحة أما من شهدوا جلد الزناة
وأما ذنب القتل العمد فالله يغفره مرة واحدة لمن استغفر والمقصود تاب باخلاص شرط أن يذهب لأهل القتيل ويحكمهم فيه بقتله أو العفو عنه لأن الله يغفر كل الذنوب التى استغفر صاحبها منها كما قال سبحانه :
"قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
وفى تلك الحالة يغفر له ولا يعود الله لغفران ذنب القتل العمد ويستحق القاتل عليه دخول جهنم لأنه أصر على ارتكاب نفس الذنب
وكل الذنوب التى فيها كفارات يظل قبول استغفار الإنسان منها متوقفا على تنفيذ الكفارات فإذا لم يقم الإنسان بفعل الكفارات المطلوبة منه فكأنه لم يستغفر ولم يتب لأنه فى تلك الحالة مصر على الذنب وهى الحالة المعروفة باسم :
الارتداد عن الدين وفى هذا قال سبحانه :
"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
كمثال :
من ذهب إلى الحج وقد أخطا فى فلان بالسب أو أكل مال فلان بالباطل ولم يستغفر الله ولم يعد المال لصاحبه قبل حجه فهذا لا يغفر ذنبه ولا يقبل منه حج
فالذنوب لابد أن تكون التوبة منها بالاستغفار وتنفيذ الكفارات المطلوبة وإلا فلا غفران لأهلها
ومن ثم وجدنا الله لا يغفر للمنافقين والمنافقات لأنهم لا يستغفرون لأنفسهم كما طلب الله فى قوله :
"وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا"
ومن لا يفيد استغفار المسلم لأيا كان ما لم يستغفر هو الله ولذا أكد الله على رسوله(ص) أن استغفاره للمنافقين مهما بلغ من مرات الاستغفار لن يفيدهم بأى شىء فالله لن يغفر لهم لأنهم أصروا على ذنوبهم ولم يطلبوا من الله أن يغفرها لهم حيث قال سبحانه :
"اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"
ولذلك أيضا منع استغفار المسلمين للمشركين سواء كانوا أقاربهم أم لا حيث قال سبحانه:
"مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ"
وأما المؤمنين والمؤمنات فقد أباح الله أن يستغفروا لبعضهم البعض الذنوب لأنهم يستغفرون لأنفسهم حيث قال :
" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ"
وقال أيضا :
قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ
اللهم آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ