القضاء العرفى القبلى وعادة البشعة
من العادات القبلية المنتشرة ليس فى بلادنا فقط وإنما فى مختلف البلاد عادة قضائية عرفية أسموها البشعة معتبرين إياها إحدى الوسائل التي يتم بموجبها إبراء الذمم والتبرئة من التهم وهي تقليد مارسته القبائل فى كثير من بلاد العالم وقد ذكرت البشعة في الشعر الهندوسى عندما أرادت (سيتا) أن تدلل على براءتها مما اتهمها به زوجها (راما) من الخيانة الزوجية فحملت قضيبا من الحديد المحمى بالنار وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض ولما لم تضرها النار ولم تحرق كفها الممسكة بالحديد أعلنوا ببراءتها
ومن أنواع البشعة في إنجلترا وفي ألمانيا فى القديم سير المتهم حافي القدمين على حديد المحراث المتأجج نارا تسع خطوات
وأما في بعض القبائل فى أفريقيا وفي آسيا أيضا فمن صور البشعة تغطيس المتهم كفه في الماء أو الزيت أو الرصاص الذائب ليخرج منه حجرا أو خاتما ملقى فيه من قبل فإذا لم يمس اليد أو الذراع ضرر قرروا براءة المتهم فإن اصابه الضرر عاقبوه
ومن صور البشعة عند البراهمة في الهند شرب المتهم ثلاث حفنات من ماء أغرق فيه صنم مقدس والبريء لا يصيبه ضرر إذا شرب من هذا الماء والمذنب يضر في مدة أسابيع من تاريخ شربه الماء
ومن صور البشعة أيضا وضع إناء نحاس على الجمرات حتى يحمر ثم يلحسه المتهم بلسانه ثلاثا، فإن لسع لسان المتهم ثبتت التهمة وإلا تم تبرئته
ومن صور البشعة احضار المبشع إناء فيه ماء يقوم بالتعزيم عليه، فإن تحرك الماء فى الإناء ثبتت التهمة على المتهم وإن لم يتحرك الماء ثبتت البراءة
ومن صورها حلم المبشع بالمتهم وبناء على تفسير المبشع للحلم يحكم بالبراءة أو ثبات التهمة
ويقال فى تعريف البشعة:
"البشعة هي التعزير أو التجريم، أي تلبيس الشخص تهمة، ثم إزالتها عنه بالتبشيع، والبشعة على عادات العرب الموروثة لمعرفة المجرم في جريمة وقعت ولم يعرف الأطراف المشاركة بالجريمة"
وأما أدوات التنفيذ فهى كما قيل:
"الكي بطرف يد المحماس أو قطعة حديد محمية على النار إلى درجة الاحمرار، حيث يطلب القاضي من المتهم أن يمد لسانه فيلذعه على رأس اللسان، فإذا تركت النار أثرا للكي على اللسان يسند الجرم إليه، وإذا لم يترك الكي أي أثر على رأس اللسان يعلن القاضي براءته "
والمبشع وهو القائم بعمل البشعة فى العرف القبلى البعض يعتبره من ضمن القضاة فهو قاضى الجرائم التي لا شهود لها والبعض لا يعتبره قاضيا وإنما صاحب طريقة أو معرفة
ووظيفة المبشع وراثية فى أسر معينة من بعض القبائل ويعتبرون المبشع من رجال الدين والمقصود من الصالحين الأنقياء
وظاهرة البشعة والمبشع شائعة فى قبائل فلسطين والأردن وسوريا ومصر وخصوصا في سيناء وفي أرجاء الجزيرة العربية وعمان وحضرموت
وكل ما سبق هو اختراعات لا أساس لها فى كتاب الله فلم يذكر الله عنها شىء فى أحكام القضاء لأن من اخترعوها كانوا يعادون دين الله واخترعوها لتبرئة أنفسهم لأنهم ما اخترعوها إلا وهم يعرفون كيف يتقون شرها واظهارا لما يسمى الكرامات وما هى بكرامات للحصول على اعجاب الناس والحصول على منزلة عالية
ورحم الله العلامة عبد المحسن صالح الأستاذ بجامعة الإسكندرية كلية العلوم حيث كان يدرس الظواهر والعادات الغريبة فى العالم منذ حوالى نصف قرن ويفسرها من خلال الظواهر العلمية فمثلا بين أن المشى على جمرات النار تمارسه القبائل وحتى المحدثين من خلال وضع حقل الجمرات فى أرض بها حشيش أو عشب أخضر مبلل ومن ثم عندما يمشى الماشى تتبلل قدميه من أسفل وهذا الماء البسيط عندما يقابل الجمرات يطفى لهبها والمشى بسرعة فى ثوانى يجعل قمة الجمرات التى تنطفىء بسبب الماء الذى يكون طبقة من التراب المنطفىء تلتصق بالقدمين فلا يشعر ببقية الجمرات
وطرح المرحوم فرضية يقينا هى صحيحة أننا لو أشعلنا نارا تحت لوح من المعدن وطلبنا من أى أحد بعد أن جففنا حولها من الماء المشى عليها لابد أن تحترق قدماه لعدم وجود ماء أو تراب يلتصق بالقدمين بالاضافة إلى أن جمرات الفحم لا تحتفظ بحرارتها سوى مدة قصيرة وأما اللوح المعدنى فلا يفقد حرارته إلا بعد مدة طويلة
وكذلك الأمر فى حكاية البشعة على اللسان فمن اخترعوها كان يعلمون أن كثرة الروال فى الفم أو شرب بعض الماء قبلها والاحتفاظ فى الفم ببعض منه أو وضع مادة لزجة كالطحينة أو العسل أو ما شابه يعمل حاجز بين اللسان وبين اللسع كما أن هناك تدريبات معينة تعود الإنسان على تحمل الألم أكثر من المعتاد
والبشعة لا تظهر الصادق من الكاذب لأنها تعتمد على معرفة المتهم العلمية فمن يعرف ما يحول بينه وبين اللسع لن يتم لسعه لأن الماء أو الروال أو المادة اللزجة عندما يقابل طرف المحماس تبطل شدة حرارته ولكن لو تم تنشيف اللسان بعد غسله وإخراجه خارج الفم فسيتم لسع البرىء والمتهم معا
العملية كلها مكر وخداع يعتمد على معلومات علمية سليمة يعرفها بعض أفراد القبائل نتيجة التجارب ونقل المعرفة من الآباء للأولاد وهى تشبه بعض معارف بعض رجال الطرق الصوفية فمن يرجع بذاكرته للوراء سيجد أنهم كانوا يدخلون الأسياخ الرفيعة فى مناطق معينة من الجسم فيما أسموه التشييش كالزور والخدين دون أن تسقط من الجسم نقطة واحدة من الدم ودون أن يكون هناك ألم يحس به من خرق جلده
هذه الأمور مبنية على معلومات علمية سليمة لا ينشرونها بين الناس وإنما يحتفظ بها الكبار لإظهار ما يسمى الكرامة والحصول على المنزلة العالية
والبشعة ليس أداة عقاب فى الوحى ومن ثم يحرم استعمالها فهى لا تظهر صادق من كاذب
و قد شرع الله الحلف بديلا لكل تلك الاختراعات حيث قال :
" تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله"
ويجب على كل مسلم البعد عن الإيمان بتلك الطرق كما يجب عليه ألا ينفذها وإنما يحتكم إلى كتاب الله
من العادات القبلية المنتشرة ليس فى بلادنا فقط وإنما فى مختلف البلاد عادة قضائية عرفية أسموها البشعة معتبرين إياها إحدى الوسائل التي يتم بموجبها إبراء الذمم والتبرئة من التهم وهي تقليد مارسته القبائل فى كثير من بلاد العالم وقد ذكرت البشعة في الشعر الهندوسى عندما أرادت (سيتا) أن تدلل على براءتها مما اتهمها به زوجها (راما) من الخيانة الزوجية فحملت قضيبا من الحديد المحمى بالنار وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض ولما لم تضرها النار ولم تحرق كفها الممسكة بالحديد أعلنوا ببراءتها
ومن أنواع البشعة في إنجلترا وفي ألمانيا فى القديم سير المتهم حافي القدمين على حديد المحراث المتأجج نارا تسع خطوات
وأما في بعض القبائل فى أفريقيا وفي آسيا أيضا فمن صور البشعة تغطيس المتهم كفه في الماء أو الزيت أو الرصاص الذائب ليخرج منه حجرا أو خاتما ملقى فيه من قبل فإذا لم يمس اليد أو الذراع ضرر قرروا براءة المتهم فإن اصابه الضرر عاقبوه
ومن صور البشعة عند البراهمة في الهند شرب المتهم ثلاث حفنات من ماء أغرق فيه صنم مقدس والبريء لا يصيبه ضرر إذا شرب من هذا الماء والمذنب يضر في مدة أسابيع من تاريخ شربه الماء
ومن صور البشعة أيضا وضع إناء نحاس على الجمرات حتى يحمر ثم يلحسه المتهم بلسانه ثلاثا، فإن لسع لسان المتهم ثبتت التهمة وإلا تم تبرئته
ومن صور البشعة احضار المبشع إناء فيه ماء يقوم بالتعزيم عليه، فإن تحرك الماء فى الإناء ثبتت التهمة على المتهم وإن لم يتحرك الماء ثبتت البراءة
ومن صورها حلم المبشع بالمتهم وبناء على تفسير المبشع للحلم يحكم بالبراءة أو ثبات التهمة
ويقال فى تعريف البشعة:
"البشعة هي التعزير أو التجريم، أي تلبيس الشخص تهمة، ثم إزالتها عنه بالتبشيع، والبشعة على عادات العرب الموروثة لمعرفة المجرم في جريمة وقعت ولم يعرف الأطراف المشاركة بالجريمة"
وأما أدوات التنفيذ فهى كما قيل:
"الكي بطرف يد المحماس أو قطعة حديد محمية على النار إلى درجة الاحمرار، حيث يطلب القاضي من المتهم أن يمد لسانه فيلذعه على رأس اللسان، فإذا تركت النار أثرا للكي على اللسان يسند الجرم إليه، وإذا لم يترك الكي أي أثر على رأس اللسان يعلن القاضي براءته "
والمبشع وهو القائم بعمل البشعة فى العرف القبلى البعض يعتبره من ضمن القضاة فهو قاضى الجرائم التي لا شهود لها والبعض لا يعتبره قاضيا وإنما صاحب طريقة أو معرفة
ووظيفة المبشع وراثية فى أسر معينة من بعض القبائل ويعتبرون المبشع من رجال الدين والمقصود من الصالحين الأنقياء
وظاهرة البشعة والمبشع شائعة فى قبائل فلسطين والأردن وسوريا ومصر وخصوصا في سيناء وفي أرجاء الجزيرة العربية وعمان وحضرموت
وكل ما سبق هو اختراعات لا أساس لها فى كتاب الله فلم يذكر الله عنها شىء فى أحكام القضاء لأن من اخترعوها كانوا يعادون دين الله واخترعوها لتبرئة أنفسهم لأنهم ما اخترعوها إلا وهم يعرفون كيف يتقون شرها واظهارا لما يسمى الكرامات وما هى بكرامات للحصول على اعجاب الناس والحصول على منزلة عالية
ورحم الله العلامة عبد المحسن صالح الأستاذ بجامعة الإسكندرية كلية العلوم حيث كان يدرس الظواهر والعادات الغريبة فى العالم منذ حوالى نصف قرن ويفسرها من خلال الظواهر العلمية فمثلا بين أن المشى على جمرات النار تمارسه القبائل وحتى المحدثين من خلال وضع حقل الجمرات فى أرض بها حشيش أو عشب أخضر مبلل ومن ثم عندما يمشى الماشى تتبلل قدميه من أسفل وهذا الماء البسيط عندما يقابل الجمرات يطفى لهبها والمشى بسرعة فى ثوانى يجعل قمة الجمرات التى تنطفىء بسبب الماء الذى يكون طبقة من التراب المنطفىء تلتصق بالقدمين فلا يشعر ببقية الجمرات
وطرح المرحوم فرضية يقينا هى صحيحة أننا لو أشعلنا نارا تحت لوح من المعدن وطلبنا من أى أحد بعد أن جففنا حولها من الماء المشى عليها لابد أن تحترق قدماه لعدم وجود ماء أو تراب يلتصق بالقدمين بالاضافة إلى أن جمرات الفحم لا تحتفظ بحرارتها سوى مدة قصيرة وأما اللوح المعدنى فلا يفقد حرارته إلا بعد مدة طويلة
وكذلك الأمر فى حكاية البشعة على اللسان فمن اخترعوها كان يعلمون أن كثرة الروال فى الفم أو شرب بعض الماء قبلها والاحتفاظ فى الفم ببعض منه أو وضع مادة لزجة كالطحينة أو العسل أو ما شابه يعمل حاجز بين اللسان وبين اللسع كما أن هناك تدريبات معينة تعود الإنسان على تحمل الألم أكثر من المعتاد
والبشعة لا تظهر الصادق من الكاذب لأنها تعتمد على معرفة المتهم العلمية فمن يعرف ما يحول بينه وبين اللسع لن يتم لسعه لأن الماء أو الروال أو المادة اللزجة عندما يقابل طرف المحماس تبطل شدة حرارته ولكن لو تم تنشيف اللسان بعد غسله وإخراجه خارج الفم فسيتم لسع البرىء والمتهم معا
العملية كلها مكر وخداع يعتمد على معلومات علمية سليمة يعرفها بعض أفراد القبائل نتيجة التجارب ونقل المعرفة من الآباء للأولاد وهى تشبه بعض معارف بعض رجال الطرق الصوفية فمن يرجع بذاكرته للوراء سيجد أنهم كانوا يدخلون الأسياخ الرفيعة فى مناطق معينة من الجسم فيما أسموه التشييش كالزور والخدين دون أن تسقط من الجسم نقطة واحدة من الدم ودون أن يكون هناك ألم يحس به من خرق جلده
هذه الأمور مبنية على معلومات علمية سليمة لا ينشرونها بين الناس وإنما يحتفظ بها الكبار لإظهار ما يسمى الكرامة والحصول على المنزلة العالية
والبشعة ليس أداة عقاب فى الوحى ومن ثم يحرم استعمالها فهى لا تظهر صادق من كاذب
و قد شرع الله الحلف بديلا لكل تلك الاختراعات حيث قال :
" تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله"
ويجب على كل مسلم البعد عن الإيمان بتلك الطرق كما يجب عليه ألا ينفذها وإنما يحتكم إلى كتاب الله