مراجعة لكتاب إتحاف ذوي النهى بصحة حديث"يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ... "
الكاتب من أهل الهند وقد ابتدأ الكتاب بإسناد طويل عريض عنهم حيث قال :
"وبعد..فقد أخبرنا شيخنا المسند الصالح محمد إسرائيل بن محمد إبراهيم الندوي السلفي - أدام الله رفعته، وحرس من الأسواء مهجته - إجازة مكاتبة قال: أنا عبد الجبار الشكراوي عن عبد الوهاب الملتاني، وأحمد الله الدهلوي (ح) قال: وأخبرنا عاليا عبد الحكبم الجيوري ثلاثتهم عن السيد نذير حسين العظيم آبادي الدهلوي عن الشاه محمد إسحاق الدهلوي عن جده لأمه الشاه عبد العزيز بن أحمد الدهلوي عن أبيه الشاه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي عن أبي الطاهر محمد بن إبراهيم الكوراني عن أبي الأسرار حسن بن علي العجيمي المكي عن أبي مهدي عيسى بن محمد بن محمد الثعالبي المغربي عن الزين علي بن عبد القادر الطبري الحسيني عن أبيه عبد القادر الطبري الحسيني عن الشمس محمد بن أحمد بن حمزة الرملي عن القاضي الزين زكريا الأنصاري عن الحافظ الشهاب أحمد بن علي ابن حجر قال: أنا أبو العباس أحمد بن عمر بن علي بن عبد الصمد اللؤلؤي قال: أنا أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي قال: أنا المشايخ الثلاثة: أبو الفداء إسماعيل بن إسماعيل بن علي بن جوسلين، وأبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام بن علوان البعلبكيان، وأبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي عن الموفق أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي عن أبي زرعة طاهر بن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي.
(ح) وبه إلى العجيمي عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن العلاء البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد السنهوري عن النجم محمد بن أحمد بن علي الغيطي عن الشرف عبد الحق بن محمد بن عبد الحق السنباطي عن باي خاتون بنت علي بن محمد بن عبد البر السبكية عن محمد بن محمد بن محمد بن الفخر البعلي عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار عن أنجب بن أبي السعادات الحمامي عن أبي زرعة طاهر بن أبي الفضل المقدسي قال: أنا أبو منصور محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم المقومي القزويني إجازة إن لم يكن سماعا، ثم ظهر سماعه عليه لجميعه قال: أنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب قال: أنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القطان قال: أنا أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه القزويني قال:
حدثنا محمود بن خالد الدمشقي حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب عن ابن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا رسول الله، فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم»
قلت: هذا الحديث من زوائد أبي عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه على بقية الكتب الستة: الصحيحين، وأبي داود، والترمذي، والنسائي.
لذا أورده الحافظ الشهاب البوصيري في «مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه» (4/ 186)، وعلق عليه بقوله: «هذا حديث صالح للعمل به. وقد اختلف في ابن أبي مالك، وأبيه:
فأما الولد، فاسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، فوثقه أبو زرعة الدمشقي،وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن صالح المصري، وضعفه أحمد، وابن معين، والنسائي، والدارقطني.
وأما أبوه فهو قاضي دمشق، وكان من أئمة التابعين، وثقه ابن معين، وأبو زرعة الرازي، وابن حبان والدارقطني واليرقاني، وقال يعقوب بن سفيان: في حديثهما لين، يعني خالدا وأباه» اهـ.
قلت: وهذا تعليق مفيد، وحكم سديد، لكنه مختصر!.
وقد وجب بيان ما في متن الحديث من الزيادات، وما في رجال إسناده من المقالات:
فقد أخرجه أيضا: أبو عمرو الداني «السنن الواردة في الفتن» (327)، وأبو نعيم «حلية الأولياء» (8/ 333) كلاهما من طريق جعفر بن محمد الفريابي ثنا سليمان بن عبد الرحمن بمثله.
وزاد الفريابي في أوله زيادات مستحسنات: قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنت عاشر عشرة في مسجد رسول الله: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وحذيفة، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سعيد، وابن عمر، فجاء فتى من الأنصار، فسلم على النبي ثم جلس، فقال: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضلهم؟، قال: «أحسنهم خلقا»، قال: فأي المؤمنين أكيس؟، قال: «أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا قبل أن ينزل به، أولئك هم الأكياس»، ثم سكت الفتى، فأقبل علينا النبي، فقال: «يا معشر المهاجرين .... » فذكره.
ومحمود بن خالد الدمشقي، وجعفر بن محمد الفريابي كلاهما ثقة مأمون، وما غفل الدمشقي ولا نسي، وإنما أوجز المتن واختصره، واستقصاه الفريابي وجوده.
وأما إسناد الحديث، فرواته ثقات كلهم إلا خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، والشهاب وإن ذكر بعض من ضعفه من الأئمة، وهم أكثر عددا، وأعلم بحاله ممن وثقه، لكنه لم يبين وجه الضعف!.
وقد جاء ضعفه مفسرا: بأنه كثير الخطأ، فاحش الوهم، يروي عن أبيه المناكير التي يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وإن كان صدوقا في نفسه، وأبوه ثقة. فمثله لا يجوز الاحتجاج بخبره عن أبيه إذا انفرد.
قال أحمد بن أبي الحواري كما في «تاريخ دمشق» (16/ 297): سمعت يحيى بن معين يقول: بالعراق كتاب ينبغي أن يدفن، وبالشام كتاب ينبغي أن يدفن، فأما الذي بالعراق فكتاب التفسير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وأما الذي بالشام فكتاب الديات لخالد بن يزيد بن أبي مالك؛ لم يرض أن يكذب على أبيه، حتى كذب على أصحاب رسول الله!.
وقال ابن أبي حاتم «الجرح والتعديل» (3/ 359): سئل أبي عنه؟، فقال: يروي أحاديث مناكير.
وقال ابن حبان «المجروحين» (1/ 284): من فقهاء أهل الشام. يروي عن أبيه. روى عنه هشام بن خالد الأزرق. كان صدوقا في الرواية، ولكنه كان يخطئ كثيرا، وفي حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه، وما أقربه في نفسه إلى التعديل، وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه.
واقتصر أبو حاتم ابن حبان على ذكر حديث منكر من مناكبره، وأما أبو أحمد ابن عدي، فقد أورد له في «الكامل» (3/ 11 - 13) أحد عشر حديث، أكثرها مناكير تفرد بها عن أبيه.
فمن مناكيره: ما رواه عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن رسول الله أنه قال: «يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله يطلق لك قدميك»، قال: يا رسول الله، وما الذي أقرض الله؟، قال: «تتبرأ مما أمسيت فيه»، قال: أمن كله أجمع؟، قال: نعم، قال: فخرج بن عوف، وهو يهم بذلك، فبعث إليه رسول الله، قال: «إن جبريل قال: مر ابن عوف فليضف الضيف، وليطعم المسكين، ويعطي السائل، ويبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه».
أخرجه ابن سعد «الطبقات» (3/ 131)، وابن زنجويه «الأموال» (1366)، والبزار «مسنده» (1005)، والطبراني «مسند الشاميين» (1616)، وابن عدي «الكامل» (3/ 12)، والآجري «كتاب الشريعة» (5/ 2304)، والحاكم «المستدرك» (3/ 311)، وأبو نعيم «حلية الأولياء» (1/ 99 و 8/ 334)، والبيهقي «شعب الإيمان» (5/ 39/3064)، وابن عساكر «تاريخ دمشق» (35/ 264 و 51/ 216) من طرق عن سليمان بن عبد الرحمن عن خالد بن يزيد بن أبي مالك به.
قلت: وهذا حديث منكر شبه الموضوع، والمتهم به خالد بن يزيد بن أبي مالك، وقد تفرد به عن أبيه
بهذا الإسناد. ولا يصح في معناه شيء، وشواهده لا تخلو من كذاب، أو متروك، أو فاحش الخطأ.
لذا قال الإمام أحمد بن حنبل: هذا الحديث كذب منكر.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي عقب حديث لأنس بن مالك بمعناه في «الموضوعات» (2/ 13): وبمثل هذا الحديث الباطل تتعلق جهلة المتزهدين، ويرون أن المال مانع من السبق إلى الخير، ويقولون: إذا كان ابن عوف يدخل الجنة زحفا لأجل ماله، كفى ذلك في ذم المال!. والحديث لا يصح اهـ.
قلت: وكيف يجوز لمؤمن عاقل ألا يستنكر هذا الخبر المختلق، وقد علم أن رسول الله قد شهد لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بأنه أحد العشرة المبشرين بالجنة؟!.
فإذ قد بان حال خالد بن يزيد بن أبي مالك، فبالأحري أن يستنكر من حديثه ما انفرد به، ولم يتابع عليه، وهو معنى قولهم: يكتب حديثه، ولا يحتج به!. ولعل أرجح مقال فيه، قول ابن حبان: في حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه، وما أقربه في نفسه إلى التعديل.
وأما حديثه: «خمس إذا ابتليتم بهن ... »، فليس من هذه السبيل؛ إذ لم يتفرد به عن أبيه، ولم يتفرد به أبوه عن عطاء؛ بل قد روى من غير وجه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فهو حديث حسن على رسم الترمذي.
وقول الشهاب: هذا حديث صالح؛ من المصطلحات الدالة على قبول الحديث، وهو قد يرادف: الحديث الحسن أو يقاربه، فيكون صالحا للاعتبار، أو الاحتجاج. ودل على إرادته ثانيهما تصريحه بقوله: صالح للعمل به. قال الجلال السيوطي في ألفيته:
وللقبول يطلقون جيدا والثابت الصالح والمجودا
وهذه بين الصحيح والحسن وقربوا مشبهات من حسن"
وقد حكم الكاتب على الحديث بالصحة رغم أن أحد رواته متكلم فيه يروى مناكير أحيانا والحجة أن غيره رواه
ومن نظر فى متن الرواية وجد فيها معارضات لكتاب الله والنص هو :
معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم"
الغلط الأول أن أهل الفاحشة يظهر فيها الطاعون وهو الذى لم يظهر فى قوم لوط (ص)فقد أهلكهم الله بشىء أخر وهو حجارة السجيل حيث قال :
"فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك "
والغلط الثانى أن نقص المكيال والميزان عقابه الدنيوى الأخذ بالسنين وهو ما يتعارض مع أن قوم فرعون لم يكن فيهم وعوقبوا بالسنين كما قال سبحانه :
"ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون"
والغلط الثالث أن مانعى الزكاة عقابهم منع المطر وهو ليس لهم عقاب لهم وحدهم وإنما عقاب حتى للمحتاجين والفقراء وقد بين الله أنه عاقب أصحاب الجنة مانعى الزكاة بحرق جنتهم حيث قال :
"إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليهم طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين"
والغلط الرابع التناقض بين منع المطر بسبب منع الزكاة وبين امطارهم بسبب البهائم فهنا لا يوجد منع
والغلط الخامس تسليط العدو الغيرى على ناقضى العهد والمشاهد حاليا والمعروف أن الملتزمين دوما بالوفاء بالعهود يهاجمهم عدوهم الغيرى فمن هاجم المسلمين بعد الصلح مع قريش ؟ ومن طارد بنى إسرائيل أيام موسى(ص) بعد أن اتفق على تركهم يرحلون من مصر؟
والمشاهد حاليا أكبر دولة تنقض العهود هى التى تهاجم الملتزمين بالعهود على الحدود فلسطين فى معاهدة أوسلو مصر فى معاهدة السلام منذ نصف قرن سوريا فى معاهدة وقف اطلاق النار بالجولان