ما النفس؟
فى العقد الثانى من العمر كنت أشغل نفسى بالكثير من الموضوعات التى كنت أريد معرفتها ولكن عندما تريد المعرفة لا تعطى لك المعرفة عن طريق قراءة الكتب أو حتى عن طريق تعليم الأخرين لك فى كثير من الأحيان وكان من بين ما حيرنى وشغلنى موضوع ماهى النفس ؟
وعندما بحثت لم أجد لها تعريف فى كتب المؤلفين فكنت أسأل الكبار فلم أجد عندهم إجابة شافية وعندما عجزت عن المعرفة صرت أسأل الصغار أمثالى وحتى من هم أصغر منى لعل كلمة تخرج منهم تهدينى إلى المعرفة ولكن ما وجدته كان لا يريح النفس فمن قائل أنها الروح وهو تعريف كأنه تعريف الماء بالماء ومن قائل الدم ومن قائل جسم طويل عريض ليس بمادة ومن قائل ......
أخيرا هدانى الله إلى آية فى الوحى فى سورة الزمر تقول :
"الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون"
هذه الآية توضح لنا أن النفس تخرج من الجسم عند النوم ثم تعود إليه عند الصحو وهو ما يعنى أن النفس ليست أى عضو من أعضاء الجسم والسؤال ما هو الذى يتوقف عند نومنا ؟
يتوقف عند النوم شىء واحد هو الكلام سواء كان الكلام الخارجى المنطوق أو الكلام الداخلى الذى لا ينطق للناس وهو شىء ليس بعضو فى الجسم وبناء على ذلك فالنفس هى ذلك الكلام الذى يدور فينا ونخرجه فى أحيان فى صورة أقوال صوتية منطوقة أو فى صورة إشارات بأعضاء الجسم وهو ما سماه الله الرمز عندما قسم الكلام لنوعين فى الوحى فقال فى سورة آل عمران :
""قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث أيام إلا رمزا"
سلسلة علم النفس القرآنى
أجزاء النفس :
النفس فى الإنسان تتركب من قوة الخير وقوة الشر وقوة الخير هى ما يسمى العقل أى البصيرة وفى الوحى قال عز وجل فى سورة القيامة :
"بل الإنسان على نفسه بصيرة "
وقوة الشر هى الشهوات وهى الهوى الضال وتسمى الظن أيضا وفى الوحى قال سبحانه وتعالى فى سورة مريم:
"واتبعوا الشهوات "
وقال عز وجل بسورة النجم:
"إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس"
والصراع النفسى يدور بينهما فى كثير من الأحيان والحاكم بينهما هو إرادة الإنسان وهى مشيئته وهى الجزء الثالث فى النفس فهى التى تختار الانقياد إما لقوة الخير وإما لقوة الشر وفى الوحى قال عز وجل فى سورة الكهف:
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
لو قسمنا الصراع النفسى لوجدنا ثلاثة أنواع :
الأول صراع الخير والشر وهو ما يتحدث الناس عنه دوما
الثانى صراع الخير ويقصد به أن يكون هناك حكمين فى مسألة أحدهما أفضل عند الله من الأخر كحكم القصاص وحكم العفو مثلا فى قضايا الجروح فالعفو وهو التصدق بالجرح أفضل عند الله وفى الوحى قال عز وجل بسورة المائدة :
"والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له "
هذا الصراع يدور مثلا كالتالى إنه ضربك وجرحك وأهانك أمام الناس فيكون الرد ولكنه أخ لى مسلم فإذا كان شوه صورتى فسيكون فى المسلمين اثنين مشوهين فالأفضل أن يكون واحد فالعفو عنه أفضل
ومثلا عند يحدث ما يسمى الطلاق قبل الدخول وهو ما يسميه الناس خطأ بالفسخ لكونه طلاق عند الله فهناك حكمين الأول رد نصف المهر للمطلق والثانى رد النصفين للمطلق من باب الفضل وهو ان يكون ولى أمر المطلقة أو المطلقة أفضل من المطلق برده النصف الثانى وفى هذا قال الوحى فى سورة البقرة:
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم"
الثالث صراع الشر مع بعضه ومن أمثلته أن يجرح أحدهم أو يقتله وأيضا من أمثلته أن يأكل مال أخيه كله أو يترك بعضه ومن أمثلته أن يضيع ولى أمر اليتيم المال كله الذى لليتيم أو يضيع جزء منه
الصراعات الثلاثة تدور كلها فى أى نفس مسلمة أو كافرة ومن هنا جاء النص المنسوب للنبى صلى الله عليه وسلم :
"كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءون التوابون"
فأى ذنب معرض أن يرتكبه المسلم أو الكافر والأفضل من يتوب منه
سلسلة علم النفس القرآنى
نوعيات النفوس :
النفس واحدة ولكنها نوعيات على حسب حالها :
الأول النفس المطمئنة وهى النفس التى تذكر بمعنى تطيع أحكام الله وفيها قال عز وجل فى سورة الرعد:
"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
الثانى النفس اللوامة وهى النفس عندما ترتكب ذنب فتلوم أى تعاتب نفسها على ارتكابه فتندم وتتوب لله وفيها قال الوحى فى سورة القيامة:
"ولا أقسم بالنفس اللوامة"
الثالث النفس الأمارة بالسوء وهى النفس التى تحسن الذنوب لنفسها فترتكبها وهى التى ذكرت فى قول الوحى فى سورة يوسف :
"إن النفس لأمارة بالسوء "
سلسلة علم النفس القرآنى
أقسام العقل :
حسب الزمن قسم الله العقل إلى جزء متعلق بالماضى وهى الذاكرة وجزء متعلق بالمستقبل وهو التخيل أو الخيال وجزء متعلق بالحاضر وهو التفكير ويسميه البعض الفقه أو الفهم أو المفكرة أو المبصرة
العقل إذا مكون من ذاكرة ومخيلة ومفكرة فالذاكرة وظيفتها استرجاع أى شىء مر بالإنسان فى حياته سواء كان قولا أو فعلا أو حدثا أو شكلا أو رمزا والمخيلة وظيفتها تصور أى شىء من الممكن أن يحدث فى المستقبل وأما المفكرة بمعنى الفهم فهى التى تدرس المسألة حيث تجمع معلومات وتقوم بتحليلها حتى تفهم المسألة أى تبصرها كما قال الوحى فى سورة الأنعام:
"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"
وقد أعطانا أمثلة على التذكر مثل تذكر المسلم حكم الله فى المسألة التى ارتكب فيها ذنبا حيث مسه شيطانه وهو نجح وسواسه فى التغلب عليه فيتوب من الذنب وفى ذلك قال الوحى فى سورة الأعراف:
"إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"
وقد أعطانا أمثلة على التخيل مثل طلبه تخيل الليل مستمر بلا انقطاع فى قول الوحى فى سورة القصص:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ"
وقد أعطانا أمثلة على التفكر كما فى أمر يوسف صلى اله عليه وسلم فى عرض امرأة العزيز عندما استعاذ بالله وحلل العرض بقوله أن ارتكاب ذلك لا يليق فى حق من أحسن مثواه وأنه ظلم يخسر من يفعله وفى ذلك قال الوحى فى سورة الأنعام:
"وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"
سلسلة علم النفس القرآنى
أقسام الشهوات:
نفس تقسيم العقل من حيث الذاكرة والمخيلة وأما المفكرة فليست مفكرة لأن التفكير يكون فى الحق والصواب وإنما تسمى المضلة أو المزينة أو العامية التى تعمى النفس عن الحق لأن وظيفتها تضليل صاحبها حيث تجعل الباطل حقا وفيها قال الوحى فى سورة التوبة:
"زين لهم سوء أعمالهم"
وفى عماها قال الوحى فى سورة الأنعام:
"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"
وفى أتباع الشهوات قال الوحى فى سورة الكهف:
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"
سلسلة علم النفس القرآنى
أنواع الشهوات :
الشهوات الموجودة فى النفس أنواعها :
شهوة الجنس وهى عند الذكور شهوة النساء وعند النساء شهوة الرجال وقد تكون غير ذلك كاشتهاء الرجل الرجل والمرأة المرأة أو اشتهاء الحيوان أو حتى الجماد أو الاستمناء
شهوة الإنجاب خاصة إنجاب الذكور وهم البنين
شهوة الأموال وعبر الله عنها بالذهب والفضة
شهوة القوة وعبر الله عنها بالخيل
شهوة الأكل وهى الطعام والشراب وعبر الله عنها بالمأكولات وهى الأنعام والحرث أى النبات
وفيها قال الوحى فى سورة آل عمران:
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا"
قضاء الشهوات مباح عند الله بالحلال فشهوة الجنس الحلال فيها أن تقضى عن طريق زواج رجل بامرأة حسب أحكام ممارسة الجماع عند الله وشهوة إنجاب البنين مباحة طالما هى مجرد تمنى فى النفس يريد الإنسان تحقيقه بالزواج وشهوة المال مباحة طالما الإنسان يأخذ ما شرعه الله من مال حسب أحكام الاقتصاد التى شرعها وشهوة القوة مباحة طالما أطاع الله فيها أحكام الله بممارسة الرياضات المفيدة والتدريبات الجهادية وشهوة الطعام مباحة طالما أكل الإنسان الطعام الحلال دون إسراف أو بخل
ومعظم أحكام الإسلام متعلقة بالحلال والحرام فى الشهوات من حيث تنظيمها
سلسلة علم النفس القرآنى
مسميات النفس:
النفس فى الوحى القرآنى تطلق على القلب والفؤاد والوازرة والصدر والوجه والبصر....فمثلا نجد قول الله فى الوحى :
"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"
فالسمع هنا تعنى النفس والبصر يعنى النفس والفؤاد وهو القلب يعنى النفس لأن المسئول أى المحاسب هو النفس كما قال الله فى الوحى:
"كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
وأما كلمة الروح فهى فى الوحى لا تعنى أبدا النفس وإنما تطلق على الوحى وجبريل ولكن فى الاستعمال عند الناس فهى تعنى النفس فهى التى تموت كما قال الوحى فى سورة آل عمران:
"كل نفس ذائقة الموت " وهى التى تحاسب كما كما قال الوحى فى سورة
"كل نفس بما كسبت رهينة "
وما اخترعه القوم من تفريق بين القلب والعقل كلام خاطىء فالعقل يطلق على القلب أحيانا فى الوحى فهما شىء واحد كما قال الوحى فى سورة الحج:
" فتكون لهم قلوب يعقلون بها "
هذا هو علم النفس الحقيقى لو فكر كل واحد منا فيه وأما ما يدرس فى مدارسنا وكلياتنا فهو نشر للأخطاء فبدلا من دراسة النفس فى كتاب الله الخالق تدرس نظريات المخلوقين التافهين كفرويد وأدلر ويعلم الله وحده أن النظريات التى يسمونها علمية فى مختلف مجالات العلم إنما هى جهالات تم تكليف أصحابها بصنعها لإضاعة البشرية وعدم توصلها للعلم الحقيقى
سلسلة علم النفس القرآنى
مراحل العمر النفسية
يمر الإنسان إذا عاش حتى سن الشيخوخة بثلاث مراحل:
الأولى مرحلة الضعف الأولى وهى الطفولة وتتميز بأنها تبدأ من الصفر نفسيا حيث نولد ونحن لا نعلم شىء عن أى شىء كما قال الله فى الوحى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
والإنسان فى هذه المرحلة ينمو نفسيا وبدنيا من الأقل إلى الأكبر حيث يكبر جسميا ونفسيا
الثانية مرحلة الأشد وهى الشباب وهى مرحلة القوة النفسية والبدنية حيث يكتمل عقل الإنسان وكذلك شهواته فيها وتصل قوة البدن إلى أقصاها
الثالثة مرحلة الضعف الثانية وهى مرحلة الشيخوخة وفيها تبدأ قوى النفس فى التدهور من الأكثر إلى الأقل حتى أن البعض يصل فيها لمرحلة النسيان الكاملة وهو ما سماه الوحى عدم العلم بشىء وسماها الله أرذل العمر فقال فى الوحى:
"ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا"
ويصاب الجسم فيها بالضعف والشيبة وهو ابيضاض الشعر
ومن هنا لا يصح قول الناس عن العالم أنه شيخ لأن الشيخ قواه تتدهور أى تشيخ أى تضعف
وفى المراحل الثلاثة قال الله فى الوحى:
"ا للَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً"
وقال أيضا:
"ُثمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا"
سلسلة علم النفس القرآنى
الفروق الفردية :
مصطلح يقصد به وجود اختلافات بين الأفراد فى القوى المختلفة واسمه فى الإسلام تفضيل بعض الناس على بعض وفى هذا قال الله فى الوحى :
"بما فضل الله بعضكم على بعض"
كما سماه رفع الدرجات فقال :
"ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم"
والاختلافات تنقسم إلى نوعين:
الأول الاختلافات بين الأفراد
الثانى الاختلافات فى مراحل عمر الإنسان الواحد
ونتناول الآن الاختلافات بين الأفراد وهى تنقسم إلى نوعين:
الأول فروق نفسية ومن أمثلتها مدى قوة الفهم وكمدى قوة التذكر ومدى قوة الرغبة فى الجماع ومدى الرغبة فى جمع المال وقد ضرب الله مثلا فى اختلاف الفهم بداود وسليمان صلى الله عليهما وسلم فى قضية الحرث وهو الزرع الذى أكلته غنم البعض حيث حكم كل منهما بحكم حسب فهمه للقضية فيقال أن داود أعطى أهل الزرع الغنم بدلا من الزرع بينما سليمان طلب من أهل الزرع أخذ الغنم للانتفاع بها حتى يزرع أهل الغنم الأرض وتعود لحالتها يوم أكل الغنم لها وقد جعل الله الابن هو الأقوى فهما فقال فى الوحى:
" وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ"
الثانى فروق جسمية كالشكل واللون والطول وقوة العضو
وفى قوة بعض الأفراد فى النفس والجسم قال فى طالوت فى الوحى "وزاده بسطة فى العلم والجسم"
فى العقد الثانى من العمر كنت أشغل نفسى بالكثير من الموضوعات التى كنت أريد معرفتها ولكن عندما تريد المعرفة لا تعطى لك المعرفة عن طريق قراءة الكتب أو حتى عن طريق تعليم الأخرين لك فى كثير من الأحيان وكان من بين ما حيرنى وشغلنى موضوع ماهى النفس ؟
وعندما بحثت لم أجد لها تعريف فى كتب المؤلفين فكنت أسأل الكبار فلم أجد عندهم إجابة شافية وعندما عجزت عن المعرفة صرت أسأل الصغار أمثالى وحتى من هم أصغر منى لعل كلمة تخرج منهم تهدينى إلى المعرفة ولكن ما وجدته كان لا يريح النفس فمن قائل أنها الروح وهو تعريف كأنه تعريف الماء بالماء ومن قائل الدم ومن قائل جسم طويل عريض ليس بمادة ومن قائل ......
أخيرا هدانى الله إلى آية فى الوحى فى سورة الزمر تقول :
"الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون"
هذه الآية توضح لنا أن النفس تخرج من الجسم عند النوم ثم تعود إليه عند الصحو وهو ما يعنى أن النفس ليست أى عضو من أعضاء الجسم والسؤال ما هو الذى يتوقف عند نومنا ؟
يتوقف عند النوم شىء واحد هو الكلام سواء كان الكلام الخارجى المنطوق أو الكلام الداخلى الذى لا ينطق للناس وهو شىء ليس بعضو فى الجسم وبناء على ذلك فالنفس هى ذلك الكلام الذى يدور فينا ونخرجه فى أحيان فى صورة أقوال صوتية منطوقة أو فى صورة إشارات بأعضاء الجسم وهو ما سماه الله الرمز عندما قسم الكلام لنوعين فى الوحى فقال فى سورة آل عمران :
""قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث أيام إلا رمزا"
سلسلة علم النفس القرآنى
أجزاء النفس :
النفس فى الإنسان تتركب من قوة الخير وقوة الشر وقوة الخير هى ما يسمى العقل أى البصيرة وفى الوحى قال عز وجل فى سورة القيامة :
"بل الإنسان على نفسه بصيرة "
وقوة الشر هى الشهوات وهى الهوى الضال وتسمى الظن أيضا وفى الوحى قال سبحانه وتعالى فى سورة مريم:
"واتبعوا الشهوات "
وقال عز وجل بسورة النجم:
"إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس"
والصراع النفسى يدور بينهما فى كثير من الأحيان والحاكم بينهما هو إرادة الإنسان وهى مشيئته وهى الجزء الثالث فى النفس فهى التى تختار الانقياد إما لقوة الخير وإما لقوة الشر وفى الوحى قال عز وجل فى سورة الكهف:
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
لو قسمنا الصراع النفسى لوجدنا ثلاثة أنواع :
الأول صراع الخير والشر وهو ما يتحدث الناس عنه دوما
الثانى صراع الخير ويقصد به أن يكون هناك حكمين فى مسألة أحدهما أفضل عند الله من الأخر كحكم القصاص وحكم العفو مثلا فى قضايا الجروح فالعفو وهو التصدق بالجرح أفضل عند الله وفى الوحى قال عز وجل بسورة المائدة :
"والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له "
هذا الصراع يدور مثلا كالتالى إنه ضربك وجرحك وأهانك أمام الناس فيكون الرد ولكنه أخ لى مسلم فإذا كان شوه صورتى فسيكون فى المسلمين اثنين مشوهين فالأفضل أن يكون واحد فالعفو عنه أفضل
ومثلا عند يحدث ما يسمى الطلاق قبل الدخول وهو ما يسميه الناس خطأ بالفسخ لكونه طلاق عند الله فهناك حكمين الأول رد نصف المهر للمطلق والثانى رد النصفين للمطلق من باب الفضل وهو ان يكون ولى أمر المطلقة أو المطلقة أفضل من المطلق برده النصف الثانى وفى هذا قال الوحى فى سورة البقرة:
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم"
الثالث صراع الشر مع بعضه ومن أمثلته أن يجرح أحدهم أو يقتله وأيضا من أمثلته أن يأكل مال أخيه كله أو يترك بعضه ومن أمثلته أن يضيع ولى أمر اليتيم المال كله الذى لليتيم أو يضيع جزء منه
الصراعات الثلاثة تدور كلها فى أى نفس مسلمة أو كافرة ومن هنا جاء النص المنسوب للنبى صلى الله عليه وسلم :
"كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءون التوابون"
فأى ذنب معرض أن يرتكبه المسلم أو الكافر والأفضل من يتوب منه
سلسلة علم النفس القرآنى
نوعيات النفوس :
النفس واحدة ولكنها نوعيات على حسب حالها :
الأول النفس المطمئنة وهى النفس التى تذكر بمعنى تطيع أحكام الله وفيها قال عز وجل فى سورة الرعد:
"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
الثانى النفس اللوامة وهى النفس عندما ترتكب ذنب فتلوم أى تعاتب نفسها على ارتكابه فتندم وتتوب لله وفيها قال الوحى فى سورة القيامة:
"ولا أقسم بالنفس اللوامة"
الثالث النفس الأمارة بالسوء وهى النفس التى تحسن الذنوب لنفسها فترتكبها وهى التى ذكرت فى قول الوحى فى سورة يوسف :
"إن النفس لأمارة بالسوء "
سلسلة علم النفس القرآنى
أقسام العقل :
حسب الزمن قسم الله العقل إلى جزء متعلق بالماضى وهى الذاكرة وجزء متعلق بالمستقبل وهو التخيل أو الخيال وجزء متعلق بالحاضر وهو التفكير ويسميه البعض الفقه أو الفهم أو المفكرة أو المبصرة
العقل إذا مكون من ذاكرة ومخيلة ومفكرة فالذاكرة وظيفتها استرجاع أى شىء مر بالإنسان فى حياته سواء كان قولا أو فعلا أو حدثا أو شكلا أو رمزا والمخيلة وظيفتها تصور أى شىء من الممكن أن يحدث فى المستقبل وأما المفكرة بمعنى الفهم فهى التى تدرس المسألة حيث تجمع معلومات وتقوم بتحليلها حتى تفهم المسألة أى تبصرها كما قال الوحى فى سورة الأنعام:
"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"
وقد أعطانا أمثلة على التذكر مثل تذكر المسلم حكم الله فى المسألة التى ارتكب فيها ذنبا حيث مسه شيطانه وهو نجح وسواسه فى التغلب عليه فيتوب من الذنب وفى ذلك قال الوحى فى سورة الأعراف:
"إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ"
وقد أعطانا أمثلة على التخيل مثل طلبه تخيل الليل مستمر بلا انقطاع فى قول الوحى فى سورة القصص:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ"
وقد أعطانا أمثلة على التفكر كما فى أمر يوسف صلى اله عليه وسلم فى عرض امرأة العزيز عندما استعاذ بالله وحلل العرض بقوله أن ارتكاب ذلك لا يليق فى حق من أحسن مثواه وأنه ظلم يخسر من يفعله وفى ذلك قال الوحى فى سورة الأنعام:
"وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"
سلسلة علم النفس القرآنى
أقسام الشهوات:
نفس تقسيم العقل من حيث الذاكرة والمخيلة وأما المفكرة فليست مفكرة لأن التفكير يكون فى الحق والصواب وإنما تسمى المضلة أو المزينة أو العامية التى تعمى النفس عن الحق لأن وظيفتها تضليل صاحبها حيث تجعل الباطل حقا وفيها قال الوحى فى سورة التوبة:
"زين لهم سوء أعمالهم"
وفى عماها قال الوحى فى سورة الأنعام:
"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"
وفى أتباع الشهوات قال الوحى فى سورة الكهف:
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"
سلسلة علم النفس القرآنى
أنواع الشهوات :
الشهوات الموجودة فى النفس أنواعها :
شهوة الجنس وهى عند الذكور شهوة النساء وعند النساء شهوة الرجال وقد تكون غير ذلك كاشتهاء الرجل الرجل والمرأة المرأة أو اشتهاء الحيوان أو حتى الجماد أو الاستمناء
شهوة الإنجاب خاصة إنجاب الذكور وهم البنين
شهوة الأموال وعبر الله عنها بالذهب والفضة
شهوة القوة وعبر الله عنها بالخيل
شهوة الأكل وهى الطعام والشراب وعبر الله عنها بالمأكولات وهى الأنعام والحرث أى النبات
وفيها قال الوحى فى سورة آل عمران:
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا"
قضاء الشهوات مباح عند الله بالحلال فشهوة الجنس الحلال فيها أن تقضى عن طريق زواج رجل بامرأة حسب أحكام ممارسة الجماع عند الله وشهوة إنجاب البنين مباحة طالما هى مجرد تمنى فى النفس يريد الإنسان تحقيقه بالزواج وشهوة المال مباحة طالما الإنسان يأخذ ما شرعه الله من مال حسب أحكام الاقتصاد التى شرعها وشهوة القوة مباحة طالما أطاع الله فيها أحكام الله بممارسة الرياضات المفيدة والتدريبات الجهادية وشهوة الطعام مباحة طالما أكل الإنسان الطعام الحلال دون إسراف أو بخل
ومعظم أحكام الإسلام متعلقة بالحلال والحرام فى الشهوات من حيث تنظيمها
سلسلة علم النفس القرآنى
مسميات النفس:
النفس فى الوحى القرآنى تطلق على القلب والفؤاد والوازرة والصدر والوجه والبصر....فمثلا نجد قول الله فى الوحى :
"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"
فالسمع هنا تعنى النفس والبصر يعنى النفس والفؤاد وهو القلب يعنى النفس لأن المسئول أى المحاسب هو النفس كما قال الله فى الوحى:
"كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"
وأما كلمة الروح فهى فى الوحى لا تعنى أبدا النفس وإنما تطلق على الوحى وجبريل ولكن فى الاستعمال عند الناس فهى تعنى النفس فهى التى تموت كما قال الوحى فى سورة آل عمران:
"كل نفس ذائقة الموت " وهى التى تحاسب كما كما قال الوحى فى سورة
"كل نفس بما كسبت رهينة "
وما اخترعه القوم من تفريق بين القلب والعقل كلام خاطىء فالعقل يطلق على القلب أحيانا فى الوحى فهما شىء واحد كما قال الوحى فى سورة الحج:
" فتكون لهم قلوب يعقلون بها "
هذا هو علم النفس الحقيقى لو فكر كل واحد منا فيه وأما ما يدرس فى مدارسنا وكلياتنا فهو نشر للأخطاء فبدلا من دراسة النفس فى كتاب الله الخالق تدرس نظريات المخلوقين التافهين كفرويد وأدلر ويعلم الله وحده أن النظريات التى يسمونها علمية فى مختلف مجالات العلم إنما هى جهالات تم تكليف أصحابها بصنعها لإضاعة البشرية وعدم توصلها للعلم الحقيقى
سلسلة علم النفس القرآنى
مراحل العمر النفسية
يمر الإنسان إذا عاش حتى سن الشيخوخة بثلاث مراحل:
الأولى مرحلة الضعف الأولى وهى الطفولة وتتميز بأنها تبدأ من الصفر نفسيا حيث نولد ونحن لا نعلم شىء عن أى شىء كما قال الله فى الوحى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
والإنسان فى هذه المرحلة ينمو نفسيا وبدنيا من الأقل إلى الأكبر حيث يكبر جسميا ونفسيا
الثانية مرحلة الأشد وهى الشباب وهى مرحلة القوة النفسية والبدنية حيث يكتمل عقل الإنسان وكذلك شهواته فيها وتصل قوة البدن إلى أقصاها
الثالثة مرحلة الضعف الثانية وهى مرحلة الشيخوخة وفيها تبدأ قوى النفس فى التدهور من الأكثر إلى الأقل حتى أن البعض يصل فيها لمرحلة النسيان الكاملة وهو ما سماه الوحى عدم العلم بشىء وسماها الله أرذل العمر فقال فى الوحى:
"ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا"
ويصاب الجسم فيها بالضعف والشيبة وهو ابيضاض الشعر
ومن هنا لا يصح قول الناس عن العالم أنه شيخ لأن الشيخ قواه تتدهور أى تشيخ أى تضعف
وفى المراحل الثلاثة قال الله فى الوحى:
"ا للَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً"
وقال أيضا:
"ُثمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا"
سلسلة علم النفس القرآنى
الفروق الفردية :
مصطلح يقصد به وجود اختلافات بين الأفراد فى القوى المختلفة واسمه فى الإسلام تفضيل بعض الناس على بعض وفى هذا قال الله فى الوحى :
"بما فضل الله بعضكم على بعض"
كما سماه رفع الدرجات فقال :
"ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم"
والاختلافات تنقسم إلى نوعين:
الأول الاختلافات بين الأفراد
الثانى الاختلافات فى مراحل عمر الإنسان الواحد
ونتناول الآن الاختلافات بين الأفراد وهى تنقسم إلى نوعين:
الأول فروق نفسية ومن أمثلتها مدى قوة الفهم وكمدى قوة التذكر ومدى قوة الرغبة فى الجماع ومدى الرغبة فى جمع المال وقد ضرب الله مثلا فى اختلاف الفهم بداود وسليمان صلى الله عليهما وسلم فى قضية الحرث وهو الزرع الذى أكلته غنم البعض حيث حكم كل منهما بحكم حسب فهمه للقضية فيقال أن داود أعطى أهل الزرع الغنم بدلا من الزرع بينما سليمان طلب من أهل الزرع أخذ الغنم للانتفاع بها حتى يزرع أهل الغنم الأرض وتعود لحالتها يوم أكل الغنم لها وقد جعل الله الابن هو الأقوى فهما فقال فى الوحى:
" وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ"
الثانى فروق جسمية كالشكل واللون والطول وقوة العضو
وفى قوة بعض الأفراد فى النفس والجسم قال فى طالوت فى الوحى "وزاده بسطة فى العلم والجسم"