خرافة السفر عبر الزمن
فى كل زمن تتكرر غالبا نفس الخرافات فى العصور السابقة تحت مسميات مختلفة فمن يقرأ كتب الفلكيين والفيزيائيين ومن يسمون كتاب الخيال العلمى ومن يشاهد المسلسلات والأفلام الغربية والتى تقلدها بعض الأمم الأخرى وأحيانا تكون الخرافات عقائد فى بعض الأديان سيجد خرافة اسمها السفر عبر الزمن
معنى السفر عبر الزمن أن الإنسان خالد فى الدنيا يعيش حيوات متعددة كل منها فى زمن وأنه قادر على أن يغير الأحداث التى تعتبر سيئة له أو لأفراد أسرته بأن يترك زمن معين ويذهب لزمن أخر ليصلح السوء
هذه الخرافة كانت موجودة فى القديم تحت مسمى :
التقمص
وتحت مسمى أخر وإن كان مختلف وهو :
التناسخ
والفرق بين التقمص والتناسخ وهو موجود فى ديانات آسيا الشرقية كالهندوسية والبوذية هو :
أن التقمص يكون بانتقال النفس إلى أجساد بشرية مختلفة كل منها فى عصر
وأما التناسخ فهو أن النفس تنتقل إلى أجساد مختلفة حيوانية أونباتية أو جمادات أوبشرية كنوع من العقاب أو الثواب
لم يسلم تراثنا من وجود روايات تثبت وجود تلك الخرافات فوجدنا روايات مثل :
6423- كنت أول الناس في الخلق و آخرهم في البعث رواه ابن سعد عن قتادة مرسلا - ( صح )"
فهنا المفترون على النبى(ص) جعلوه حيا قبل آدم(ص) باعتباره المخلوق الأول وجعلوه حيا فى عصره وجعلوه حيا فى زمن البعث
6424- كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد
- ( حل ) عن ميسرة الفجر، ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء ( طب ) عن ابن عباس"
حدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق أن رجلا سأل النبي (ص) : متى كنت نبيا ؟ قال : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد." مصنف ابن أبى شيبة
13316- { كُنتُ نبياً وآدمُ بينَ الرُّوحِ والجسدِ }. (حل) عن ميسرة الفجر، ابن سعد عن أبى الجدعاء (حب) عن ابن عباس
ك 2/ 609 وش 14/ 292 وسعد 1/ 1/ 95 و7/ 41 والاتحاف 1/ 453 وتخ 7/ 374 وصحيح الجامع (4581)موسوعة السنة النبوية "
هنا المفترون جعلوا خاتم النبيين (ص) حيا قبل خلق آدم(ص) وفى عصره
وقد ناقش ابن تيمية الروايات السابقة فى كتابه الفتاوى حيث قال:
[وأما ما يرويه هؤلاء الجهال كـ ابن عربي في الفصوص وغيره من جهّال العامة: (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين، كنت نبياً وآدم لا ماء ولا طين) فهذا لا أصل له ولم يروه أحد من أهل العلم الصادقين، ولا هو في شيء من كتب العلم المعتمدة بهذا اللفظ، بل هو باطل؛ فإن آدم لم يكن بين الماء والطين قط، فإن الله خلقه من تراب، وخلط التراب بالماء حتى صار طيناً، وأيبس الطين حتى صار صلصالاً كالفخار فلم يكن له حال بين الماء والطين مركب من الماء والطين ما جاء في مبعث النبي (ص)"
وهناك رواية اخرى يبدو أنها فى أحد كتب المتصوفة يقول فيها أحدهم :
" كنت فى زمان آدم آدما وكنت فى زمان نوح نوحا وكنت فى زمان إبراهيم إبراهيم وكنت فى زمان موسى موسى وكنت فى زمان عيسى عيسى وكنت فى زمان محمد محمدا "
وهذا معناه أن الرجل عاش ست عصور مختلفة
بالطبع هذه الخرافة يوجد فى مقابلها حقيقة لم تعد موجودة لأنها كانت موجودة قبل بعث خاتم النبيين (ص)وهى :
إمكانية أن يحيا الإنسان فى عصرين مختلفين بينها فترة موت مؤقتة
والحياة فى عصرين مختلفين ذكرت فى عدة مواضع فى كتاب الله وهى :
الحالة الأولى :
قصة أهل الكهف حيث عاشوا فترة مع قومهم الكفار ثم ناموا أى ماتوا 309 سنة ثم عادوا لاستكمال بقية حياتهم فى مجتمع كان بعضه مؤمن ثم ماتوا وفى هذا قال سبحانه:
"أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)"
الحالة الثانية :
الرجل الذى تساءل عندما شاهد القرية الهالكة أنى يحيى الله هذه بعد موتها فقد عاش أول حياة فى عصره ثم أماته الله مائة عام ثم أعاده للحياة مرة أخرى فى عصر مختلف فاستكمل بقية حياته وفى هذا قال سبحانه:
" أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)"
وهناك حالات أخرى ولكن لم يذكر الله الفاصل الزمنى بين موتهم وبين عودتهم للحياة وهم:
الحالة الثالثة :
أهل القرية التى أصابها الوباء وهو المرض المعدى فأمرهم الله بعدم الخروج منها فخرجوا منها خوفا من الموت فأماتهم الله ثم أعادهم للحياة مرة أخرى وفى هذا قال سبحانه :
"أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ"
الحالة الرابعة الموتى الذين أحياهم عيسى ابن مريم(ص) بأمر الله كما قال سبحانه :
"وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ"
الحالة الخامسة القتيل الذى لم يعرف قاتله فى بنى إسرائيل فأمروا بذبح البقرة وضربه ببعض منها كى يحيا القتيل ليدلهم على قاتله وفى هذا قال سبحانه :
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)"
وهذه الحالات الثلاث خاصة الرابعة والخامسة يمكن استبعادها من حكاية الحياة فى عصرين لأنهم بعثوا فى نفس العهد وماتوا فيه
وقد حرم الله الحياة فى عصرين فى عهد النبى(ص) عندما قال :
" وحرام على قرية أهلكناهم أنهم لا يرجعون"
ومن ثم انتهى زمن الآيات وهى المعجزات كما قال فى آية أخرى:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ولا يفوتنا فى أخر الموضوع أن نستعرض أسباب القول بأن السفر فى الزمن خرافة وهى :
الأول التدخل فى الأحداث المستقبلية وأحيانا الماضية لتغيير قدر الله وهو المكتوب فى لوح القدر وهو ما لا يمكن أن يتغير كما قال سبحانه :
" لا تبديل لكلمات الله"
وقال أيضا:
"قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"
الثانى نفى الله أن يكون محمد(ص) موجودا فى عصر موسى(ص) عندما كان عند الجانب الغربى يوحى له حيث قال :
"وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)"
ونفى أن يكون مع موسى(ص) فى مدين حيث قال :
" وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)"
ونفى أن يكون فى جانب الطور عند نداء موسى(ص) حيث قال:
" وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)"
ونفى وجوده فى عصر مريم وعيسى(ص)عندما اختلفوا على من يكفلها حيث قال :
" ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ"
ونفى أن يكون حيا فى عهد نوح (ص) عندما قص قصته حيث قال:
"قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)"
ونفى وجوده فى عهد يعقوب (ص) ويوسف(ص) والأسباط حيث قال:
"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)"
الثالث أن معنى الحيوات المختلفة فى أزمنة مختلفة لنفس الشخص معناه خلوده الدنيوى وهو ما حرمه الله حيث قال :
"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون"
ومن ثم لا يمكن لأحد أن يعيش حيوات مختلفة فى أزمنة مختلفة ويكون نفس الشخص مستمرا فى الحياة الخرافية
فى كل زمن تتكرر غالبا نفس الخرافات فى العصور السابقة تحت مسميات مختلفة فمن يقرأ كتب الفلكيين والفيزيائيين ومن يسمون كتاب الخيال العلمى ومن يشاهد المسلسلات والأفلام الغربية والتى تقلدها بعض الأمم الأخرى وأحيانا تكون الخرافات عقائد فى بعض الأديان سيجد خرافة اسمها السفر عبر الزمن
معنى السفر عبر الزمن أن الإنسان خالد فى الدنيا يعيش حيوات متعددة كل منها فى زمن وأنه قادر على أن يغير الأحداث التى تعتبر سيئة له أو لأفراد أسرته بأن يترك زمن معين ويذهب لزمن أخر ليصلح السوء
هذه الخرافة كانت موجودة فى القديم تحت مسمى :
التقمص
وتحت مسمى أخر وإن كان مختلف وهو :
التناسخ
والفرق بين التقمص والتناسخ وهو موجود فى ديانات آسيا الشرقية كالهندوسية والبوذية هو :
أن التقمص يكون بانتقال النفس إلى أجساد بشرية مختلفة كل منها فى عصر
وأما التناسخ فهو أن النفس تنتقل إلى أجساد مختلفة حيوانية أونباتية أو جمادات أوبشرية كنوع من العقاب أو الثواب
لم يسلم تراثنا من وجود روايات تثبت وجود تلك الخرافات فوجدنا روايات مثل :
6423- كنت أول الناس في الخلق و آخرهم في البعث رواه ابن سعد عن قتادة مرسلا - ( صح )"
فهنا المفترون على النبى(ص) جعلوه حيا قبل آدم(ص) باعتباره المخلوق الأول وجعلوه حيا فى عصره وجعلوه حيا فى زمن البعث
6424- كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد
- ( حل ) عن ميسرة الفجر، ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء ( طب ) عن ابن عباس"
حدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق أن رجلا سأل النبي (ص) : متى كنت نبيا ؟ قال : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد." مصنف ابن أبى شيبة
13316- { كُنتُ نبياً وآدمُ بينَ الرُّوحِ والجسدِ }. (حل) عن ميسرة الفجر، ابن سعد عن أبى الجدعاء (حب) عن ابن عباس
ك 2/ 609 وش 14/ 292 وسعد 1/ 1/ 95 و7/ 41 والاتحاف 1/ 453 وتخ 7/ 374 وصحيح الجامع (4581)موسوعة السنة النبوية "
هنا المفترون جعلوا خاتم النبيين (ص) حيا قبل خلق آدم(ص) وفى عصره
وقد ناقش ابن تيمية الروايات السابقة فى كتابه الفتاوى حيث قال:
[وأما ما يرويه هؤلاء الجهال كـ ابن عربي في الفصوص وغيره من جهّال العامة: (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين، كنت نبياً وآدم لا ماء ولا طين) فهذا لا أصل له ولم يروه أحد من أهل العلم الصادقين، ولا هو في شيء من كتب العلم المعتمدة بهذا اللفظ، بل هو باطل؛ فإن آدم لم يكن بين الماء والطين قط، فإن الله خلقه من تراب، وخلط التراب بالماء حتى صار طيناً، وأيبس الطين حتى صار صلصالاً كالفخار فلم يكن له حال بين الماء والطين مركب من الماء والطين ما جاء في مبعث النبي (ص)"
وهناك رواية اخرى يبدو أنها فى أحد كتب المتصوفة يقول فيها أحدهم :
" كنت فى زمان آدم آدما وكنت فى زمان نوح نوحا وكنت فى زمان إبراهيم إبراهيم وكنت فى زمان موسى موسى وكنت فى زمان عيسى عيسى وكنت فى زمان محمد محمدا "
وهذا معناه أن الرجل عاش ست عصور مختلفة
بالطبع هذه الخرافة يوجد فى مقابلها حقيقة لم تعد موجودة لأنها كانت موجودة قبل بعث خاتم النبيين (ص)وهى :
إمكانية أن يحيا الإنسان فى عصرين مختلفين بينها فترة موت مؤقتة
والحياة فى عصرين مختلفين ذكرت فى عدة مواضع فى كتاب الله وهى :
الحالة الأولى :
قصة أهل الكهف حيث عاشوا فترة مع قومهم الكفار ثم ناموا أى ماتوا 309 سنة ثم عادوا لاستكمال بقية حياتهم فى مجتمع كان بعضه مؤمن ثم ماتوا وفى هذا قال سبحانه:
"أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)"
الحالة الثانية :
الرجل الذى تساءل عندما شاهد القرية الهالكة أنى يحيى الله هذه بعد موتها فقد عاش أول حياة فى عصره ثم أماته الله مائة عام ثم أعاده للحياة مرة أخرى فى عصر مختلف فاستكمل بقية حياته وفى هذا قال سبحانه:
" أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)"
وهناك حالات أخرى ولكن لم يذكر الله الفاصل الزمنى بين موتهم وبين عودتهم للحياة وهم:
الحالة الثالثة :
أهل القرية التى أصابها الوباء وهو المرض المعدى فأمرهم الله بعدم الخروج منها فخرجوا منها خوفا من الموت فأماتهم الله ثم أعادهم للحياة مرة أخرى وفى هذا قال سبحانه :
"أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ"
الحالة الرابعة الموتى الذين أحياهم عيسى ابن مريم(ص) بأمر الله كما قال سبحانه :
"وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ"
الحالة الخامسة القتيل الذى لم يعرف قاتله فى بنى إسرائيل فأمروا بذبح البقرة وضربه ببعض منها كى يحيا القتيل ليدلهم على قاتله وفى هذا قال سبحانه :
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)"
وهذه الحالات الثلاث خاصة الرابعة والخامسة يمكن استبعادها من حكاية الحياة فى عصرين لأنهم بعثوا فى نفس العهد وماتوا فيه
وقد حرم الله الحياة فى عصرين فى عهد النبى(ص) عندما قال :
" وحرام على قرية أهلكناهم أنهم لا يرجعون"
ومن ثم انتهى زمن الآيات وهى المعجزات كما قال فى آية أخرى:
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ولا يفوتنا فى أخر الموضوع أن نستعرض أسباب القول بأن السفر فى الزمن خرافة وهى :
الأول التدخل فى الأحداث المستقبلية وأحيانا الماضية لتغيير قدر الله وهو المكتوب فى لوح القدر وهو ما لا يمكن أن يتغير كما قال سبحانه :
" لا تبديل لكلمات الله"
وقال أيضا:
"قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"
الثانى نفى الله أن يكون محمد(ص) موجودا فى عصر موسى(ص) عندما كان عند الجانب الغربى يوحى له حيث قال :
"وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)"
ونفى أن يكون مع موسى(ص) فى مدين حيث قال :
" وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)"
ونفى أن يكون فى جانب الطور عند نداء موسى(ص) حيث قال:
" وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)"
ونفى وجوده فى عصر مريم وعيسى(ص)عندما اختلفوا على من يكفلها حيث قال :
" ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ"
ونفى أن يكون حيا فى عهد نوح (ص) عندما قص قصته حيث قال:
"قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)"
ونفى وجوده فى عهد يعقوب (ص) ويوسف(ص) والأسباط حيث قال:
"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)"
الثالث أن معنى الحيوات المختلفة فى أزمنة مختلفة لنفس الشخص معناه خلوده الدنيوى وهو ما حرمه الله حيث قال :
"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون"
ومن ثم لا يمكن لأحد أن يعيش حيوات مختلفة فى أزمنة مختلفة ويكون نفس الشخص مستمرا فى الحياة الخرافية