تعدد الزوجات
يقصد بتعدد الزوجات قيام المسلم بالزواج من أكثر من واحدة حتى العدد أربعة وقد أباح الله للمسلم فى حالة القدرة المالية أن يتزوج واحدة أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة فقال سبحانه:
" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "
ولكن الله اشترط العدل بينهن فإن كان الإنسان غير قادر على العدل فعليه أن يتزوج واحدة فقط وهى ما عاقدت يمينه وفى هذا قال سبحانه :
"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"
وأخبرنا الله أن لا أحد من البشر حتى خاتم النبيين نفسه (ص) يقدر على العدل التام بينهن فطالب المتزوجين بالعدل شبه التام حيث قال :
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة"
ومن ثم المطلوب ألا يترك زوج الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة واحدة منهن بلا سكن وجماع معها لأنه بذلك يتركها معلقة أى لا هى زوجة حقا وصدقا ولا هى مطلقة حقا وصدقا لأنه بذلك يدفعها للزنى دفعا
السؤال ما معنى طاب لكم ؟
البعض يتصور أن ما طاب لكم تعنى ما أعجبكم من النساء لأن الإنسان يعجب بالكثيرات وبعضهن متزوجات وإنما تعنى العبارة ما أحل لكم أى ما أبيح لكم من النساء غير المتزوجات
بالطبع التعدد ليس القصد منه مجرد الاستحواذ على أجسام النساء للجماع وإنما شرع الزواج للسكن وللمودة والرحمة كما قال سبحانه :
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
السؤال التالى :
هل كل الرسل عددوا الزوجات ؟
من يتابع قصص الرسل(ص)فى القرآن أنهم كلهم تزوجوا بلا استثناء وكلهم أنجبوا ذرية مختلفة العدد كما قال سبحانه :
" ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية"
وسيجد أن التعديد كان قليل الوقوع من الرسل (ص) فأولهم وهو آدم(ص) كان له زوجة واحدة وفى خذا قال سبحانه :
" ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة "
وقال :
"اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها"
ونجد أن زكريا (ص) كان له زوجة واحدة عقيم ولم يغيرها أو يتزوج عليها وإنما أبقى عليها حتى عجزا هما الاثنان معا ثم من الله عليهما فى سن الكبر بولد هو يحيى(ص) وفى هذا قال سبحانه :
"ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربى شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا"
وتحدث الله عن اصلاح زوجة زكريا(ص) للانجاب فقال :
"وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين"
كما نجد أن موسى (ص) ليس له إلا زوجة واحدة وهى :
بنت الشيخ الكبير وفى هذا قال سبحانه :
"قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدنى إن شاء الله من الصالحين"
وقال أيضا:
"فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله أنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إنى أنست نارا لعلى أتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون"
كما نجد أن عمران(ص) لم يكن له سوى امرأة واحدة قال سبحانه فيها :
"إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم"
ونجد أن نوح(ص) ظل طوال فترة الدعوة متزوج من زوجته الكافرة برسالته وهى تسعمائة وخمسين سنة وكذلك لوط(ص)ظل متزوج بامرأة واحدة هى زوجته الكافرة حتى هلكنا مع الهالكين كما قال سبحانه :
"ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين"
وأما من عددوا الزوجات فهم قلة من الرسل (ص) وكان لأسباب اضطرارية فنجد أن إبراهيم (ص) ظل طول عمره متزوج من امرأة واحدة حتى بلغا سن العجز فتزوج من أجل الإنجاب وفى الروايات أن زوجته الأولى هى من سعت لتزويجه فانجب إسماعيل(ص) من الزوجة الثانية وهو الأكبر سنا ثم من الله على العجوز بأنها أصلحها وجعلهما تنجب إسحق (ص) وفى هذا قال سبحانه على لسامه :
" الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحق"
وفى عقم العجوز قال الله على لسانها :
" أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا"
إذا زواج إبراهيم (ص)لم يكن رغبة فى التمتع بامرأة جميلة شابة وإنما كان رغبة فى إنجاب أبناء وهذا ما يعنى :
أن من أسباب التعدد الرغبة فى إنجاب أولاد إذا كانت الزوجة الأولى عقيم ولم يكن لدى الرجل أولاد وهو صالح للإنجاب
التعدد الثانى كان من جانب ابن ابنه إسحاق(ص) وهو يعقوب (ص) فقد تزوج امرأتين احداهما وهى الأولى أنجبت له عشرة أولاد بنين والثانية أنجبت له ولدين وهذا التعدد هو استنتاج فقط ولكن ليس هناك دليل فى الوحى على أنه جمع بين الزوجتين
الزوجة الثانية الدليل على وجودها مأخوذ من طلب يوسف(ص) لأخوته الاتيان بأخ من الأب فقط لكى يعطيهم الطعام وفى هذا قال سبحانه :
" ائتونى بأخ لكم من أبيكم "
وأما الدليل على أن المرأة الأولى لم تكن موجودة مع الثانية فهو :
أن الساجدين ليوسف(ص) لم يكن بينهم سوى امرأة واحدة حيث قال سبحانه :
"ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا"
فلو كانت الزوجة الثانية لرفعها مع أمه وأبيه ولكنها فيما يبدو توفيت قبل ذلك بزمن غير معروف
وأما المعدد الثالث فهو خاتم النبيين (ص) ولم يكن التعدد رغبة فى جماع النساء لأنه لو كان يرغب فى ذلك لعدد قبل الهجرة ولكن التعدد كان لأسباب متنوعة الظاهر منها فى كتاب الله هو :
الأول اعطاء المسلمين القدوة فى الزواج بمطلقات من تبنوهم قبل إسلامهم لأن هذا حلال لأن المتبنين ليسوا أولاد من أصلابهم حتى تحرم مطلقات أولئك الأبناء المزورين محرمة على الآباء المدعين وفى هذا قال سبحانه :
"وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعياءهم إذا قضوا منهن وطرا"
الثانى منع الحرج عن النبى(ص) وقريباته وهن بنات عمه وبنات خاله وبنات عماته وبنات خالاته المهاجرات معه فقد كن يعشن معه فى نفس البيت فى أول الهجرة باعتباره أنه أولى الناس بالنفقة عليهن لأنه لا يوجد لهم أقارب فى المدينة سواه كما أن أوضاع المهاجرين والأنصار فى ظل اقتسام الدور والأموال كانت أوضاع مالية صعبة لا تسمح لأحد منهم بالزواج من غير معه ومن ثم كان يدخل البيت فيجد بعضهم فى غير حالة الاحتشام الكامل ومن ثم أمره الله بزواجهن جميعا منعا للحرج وهو الزنى الذى كان من الممكن أن يحدث حيث قال سبحانه :
" "يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك "
الثالث وجود امرأة من المسلمات المهاجرات ليس لها أقارب ولا سكن فعرضت على النبى(ص) أن يتزوجها حتى يكون لها مكان تأوى إليه بدلا من أن تبيت فى الشوارع ومن ثم تزوجها النبى(ص) لحمايتها والانفاق عليها
وفى هذا قال سبحانه :
"وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين"
إذا زواجات الرسول(ص) لم يكن الغرض منه أن يجامع كل هذا العدد الكبير من النساء يوميا أو حتى يوم ويوم وإنما كان لأسباب اجتماعية محضة وهى :
حماية النساء من الزنى وإيجاد رجل ينفق عليهم
حماية النساء من الضياع فى مجتمع لم يكن مسلما بالكامل فى أول الهجرة حيث كان فيه أهل الكتاب والمنافقين وكفار أخرين ومن يراجع الروايات سيجد رواية هى اهانة كتابى لامرأة كشف عنها ثوبها من الخلف وهو ما نطلق عليه اليوم التشليح أو بتعبير أخر عدم ترك المرأة لكلاب السكك
إذا التعدد الذى مارسه بعض الرسل(ص) كان لأسباب سليمة وهى :
الأول :
الرغبة فى الانجاب نتيجة الحرمان سنوات طويلة من الأولاد والمرأة العاقلة العقيم هى من تقوم بتزويج زوجها امرأة أخرى لكى تنجب للرجل أولاد وهذه المرأة لابد أن تكون إما مطلقة أو أرملة أنجبت من قبل لأن انجاب العذارى أمر غير مضمون كما أن التقارب السنى مطلوب
الثانى الحفاظ على النساء اللاتى ليس لهن منفق عليهن وهن فى الغالب المطلقات والأرامل والعوانس أو المضرورات وهن أصحاب الاعاقة اللاتى لا يرغب أحد فى زواجهن وقد فقدن المنفق وهو الأب أو الأخ أو القريب الواجب عليه النفقة
ومن ثم التعدد لم يشرع من أجل الحصول على نساء جميلات للجماع فقط وإنما شرع من أجل حل مشكلات اجتماعية موجودة فى المجتمع
وأرى أن التعدد يكون مستحسنا فى حالة الحكام والقضاة كى يضربوا لبعض الناس من القادرين ماليا المثل والقدوة فى الزواج من المضروررات وهن صاحبات الاعاقة وكذلك فى الزواج من المطلقات والأرامل لأن ترك النساء فى تلك الأحوال وهى :
الترمل والطلاق والضرر وهو الاعاقة يؤدى لمشكلات أخرى وهى :
ارتكاب الزنى سواء بينهن وهو ما يسمونه السحاق خطأ أو بينهن وبين الرجال المصابين بمرض كفرى فى قلوبهم
بالطبع الله أباح لبعض النساء ممن زهدن فى الجماع القعود عن الزواج ولكن الراغبات فى الجماع لابد من صرف شهوتهن فى الحلال بالزواج ولا يجوز للأبناء منع الأمهات أو الأباء من الزواج حرصا على الورث أو حرصا على جعلهم يقومون بتربية أولادهم بدلا منهم فهؤلاء العاقين الذين يمنعون الآباء والأمهات من الزواج يجنون عليهم بالمرض لأن من يقوم بكتم شهوته لابد أن يصاب بأمراض متعددة فى الجسم لأن المنى وهو فضلة من فضلات الجسم يتراكم داخله ولا يجد له مخرجا ومن ثم يتحول لمواد ضارة تجلب المرض للآباء والأمهات الذين ما زالت الرغبة فى الجماع موجودة فيهم
والمعددون حاليا معظمهم لا يتزوجون لسبب من تلك الأسباب التى عدد بعض الرسل(ص) من أجلها وإنما لأسباب أخرى فالبعض يعددون لمجرد الشهوة فقط والبعض يعدد لانجاب جيش من البنين يظن أنه يدفع الضرر عنه مستقبلا من قبل الناس كما قال الكافر :
" أنا أكثر منك مالا وأعزا نفرا"
والبعض يعدد من أجل أن تعمل الزوجات بدلا منه ويقوم بأخذ مكاسبهن من العمل وهو أمر يتعارض مع وجوب نفقته هو عليهن وهن قاعدات فى بيوت الزوجية كما قال سبحانه :
" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"
يقصد بتعدد الزوجات قيام المسلم بالزواج من أكثر من واحدة حتى العدد أربعة وقد أباح الله للمسلم فى حالة القدرة المالية أن يتزوج واحدة أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة فقال سبحانه:
" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "
ولكن الله اشترط العدل بينهن فإن كان الإنسان غير قادر على العدل فعليه أن يتزوج واحدة فقط وهى ما عاقدت يمينه وفى هذا قال سبحانه :
"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"
وأخبرنا الله أن لا أحد من البشر حتى خاتم النبيين نفسه (ص) يقدر على العدل التام بينهن فطالب المتزوجين بالعدل شبه التام حيث قال :
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة"
ومن ثم المطلوب ألا يترك زوج الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة واحدة منهن بلا سكن وجماع معها لأنه بذلك يتركها معلقة أى لا هى زوجة حقا وصدقا ولا هى مطلقة حقا وصدقا لأنه بذلك يدفعها للزنى دفعا
السؤال ما معنى طاب لكم ؟
البعض يتصور أن ما طاب لكم تعنى ما أعجبكم من النساء لأن الإنسان يعجب بالكثيرات وبعضهن متزوجات وإنما تعنى العبارة ما أحل لكم أى ما أبيح لكم من النساء غير المتزوجات
بالطبع التعدد ليس القصد منه مجرد الاستحواذ على أجسام النساء للجماع وإنما شرع الزواج للسكن وللمودة والرحمة كما قال سبحانه :
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
السؤال التالى :
هل كل الرسل عددوا الزوجات ؟
من يتابع قصص الرسل(ص)فى القرآن أنهم كلهم تزوجوا بلا استثناء وكلهم أنجبوا ذرية مختلفة العدد كما قال سبحانه :
" ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية"
وسيجد أن التعديد كان قليل الوقوع من الرسل (ص) فأولهم وهو آدم(ص) كان له زوجة واحدة وفى خذا قال سبحانه :
" ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة "
وقال :
"اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها"
ونجد أن زكريا (ص) كان له زوجة واحدة عقيم ولم يغيرها أو يتزوج عليها وإنما أبقى عليها حتى عجزا هما الاثنان معا ثم من الله عليهما فى سن الكبر بولد هو يحيى(ص) وفى هذا قال سبحانه :
"ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربى شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا"
وتحدث الله عن اصلاح زوجة زكريا(ص) للانجاب فقال :
"وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين"
كما نجد أن موسى (ص) ليس له إلا زوجة واحدة وهى :
بنت الشيخ الكبير وفى هذا قال سبحانه :
"قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدنى إن شاء الله من الصالحين"
وقال أيضا:
"فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله أنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إنى أنست نارا لعلى أتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون"
كما نجد أن عمران(ص) لم يكن له سوى امرأة واحدة قال سبحانه فيها :
"إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم"
ونجد أن نوح(ص) ظل طوال فترة الدعوة متزوج من زوجته الكافرة برسالته وهى تسعمائة وخمسين سنة وكذلك لوط(ص)ظل متزوج بامرأة واحدة هى زوجته الكافرة حتى هلكنا مع الهالكين كما قال سبحانه :
"ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين"
وأما من عددوا الزوجات فهم قلة من الرسل (ص) وكان لأسباب اضطرارية فنجد أن إبراهيم (ص) ظل طول عمره متزوج من امرأة واحدة حتى بلغا سن العجز فتزوج من أجل الإنجاب وفى الروايات أن زوجته الأولى هى من سعت لتزويجه فانجب إسماعيل(ص) من الزوجة الثانية وهو الأكبر سنا ثم من الله على العجوز بأنها أصلحها وجعلهما تنجب إسحق (ص) وفى هذا قال سبحانه على لسامه :
" الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحق"
وفى عقم العجوز قال الله على لسانها :
" أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا"
إذا زواج إبراهيم (ص)لم يكن رغبة فى التمتع بامرأة جميلة شابة وإنما كان رغبة فى إنجاب أبناء وهذا ما يعنى :
أن من أسباب التعدد الرغبة فى إنجاب أولاد إذا كانت الزوجة الأولى عقيم ولم يكن لدى الرجل أولاد وهو صالح للإنجاب
التعدد الثانى كان من جانب ابن ابنه إسحاق(ص) وهو يعقوب (ص) فقد تزوج امرأتين احداهما وهى الأولى أنجبت له عشرة أولاد بنين والثانية أنجبت له ولدين وهذا التعدد هو استنتاج فقط ولكن ليس هناك دليل فى الوحى على أنه جمع بين الزوجتين
الزوجة الثانية الدليل على وجودها مأخوذ من طلب يوسف(ص) لأخوته الاتيان بأخ من الأب فقط لكى يعطيهم الطعام وفى هذا قال سبحانه :
" ائتونى بأخ لكم من أبيكم "
وأما الدليل على أن المرأة الأولى لم تكن موجودة مع الثانية فهو :
أن الساجدين ليوسف(ص) لم يكن بينهم سوى امرأة واحدة حيث قال سبحانه :
"ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا"
فلو كانت الزوجة الثانية لرفعها مع أمه وأبيه ولكنها فيما يبدو توفيت قبل ذلك بزمن غير معروف
وأما المعدد الثالث فهو خاتم النبيين (ص) ولم يكن التعدد رغبة فى جماع النساء لأنه لو كان يرغب فى ذلك لعدد قبل الهجرة ولكن التعدد كان لأسباب متنوعة الظاهر منها فى كتاب الله هو :
الأول اعطاء المسلمين القدوة فى الزواج بمطلقات من تبنوهم قبل إسلامهم لأن هذا حلال لأن المتبنين ليسوا أولاد من أصلابهم حتى تحرم مطلقات أولئك الأبناء المزورين محرمة على الآباء المدعين وفى هذا قال سبحانه :
"وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعياءهم إذا قضوا منهن وطرا"
الثانى منع الحرج عن النبى(ص) وقريباته وهن بنات عمه وبنات خاله وبنات عماته وبنات خالاته المهاجرات معه فقد كن يعشن معه فى نفس البيت فى أول الهجرة باعتباره أنه أولى الناس بالنفقة عليهن لأنه لا يوجد لهم أقارب فى المدينة سواه كما أن أوضاع المهاجرين والأنصار فى ظل اقتسام الدور والأموال كانت أوضاع مالية صعبة لا تسمح لأحد منهم بالزواج من غير معه ومن ثم كان يدخل البيت فيجد بعضهم فى غير حالة الاحتشام الكامل ومن ثم أمره الله بزواجهن جميعا منعا للحرج وهو الزنى الذى كان من الممكن أن يحدث حيث قال سبحانه :
" "يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك "
الثالث وجود امرأة من المسلمات المهاجرات ليس لها أقارب ولا سكن فعرضت على النبى(ص) أن يتزوجها حتى يكون لها مكان تأوى إليه بدلا من أن تبيت فى الشوارع ومن ثم تزوجها النبى(ص) لحمايتها والانفاق عليها
وفى هذا قال سبحانه :
"وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين"
إذا زواجات الرسول(ص) لم يكن الغرض منه أن يجامع كل هذا العدد الكبير من النساء يوميا أو حتى يوم ويوم وإنما كان لأسباب اجتماعية محضة وهى :
حماية النساء من الزنى وإيجاد رجل ينفق عليهم
حماية النساء من الضياع فى مجتمع لم يكن مسلما بالكامل فى أول الهجرة حيث كان فيه أهل الكتاب والمنافقين وكفار أخرين ومن يراجع الروايات سيجد رواية هى اهانة كتابى لامرأة كشف عنها ثوبها من الخلف وهو ما نطلق عليه اليوم التشليح أو بتعبير أخر عدم ترك المرأة لكلاب السكك
إذا التعدد الذى مارسه بعض الرسل(ص) كان لأسباب سليمة وهى :
الأول :
الرغبة فى الانجاب نتيجة الحرمان سنوات طويلة من الأولاد والمرأة العاقلة العقيم هى من تقوم بتزويج زوجها امرأة أخرى لكى تنجب للرجل أولاد وهذه المرأة لابد أن تكون إما مطلقة أو أرملة أنجبت من قبل لأن انجاب العذارى أمر غير مضمون كما أن التقارب السنى مطلوب
الثانى الحفاظ على النساء اللاتى ليس لهن منفق عليهن وهن فى الغالب المطلقات والأرامل والعوانس أو المضرورات وهن أصحاب الاعاقة اللاتى لا يرغب أحد فى زواجهن وقد فقدن المنفق وهو الأب أو الأخ أو القريب الواجب عليه النفقة
ومن ثم التعدد لم يشرع من أجل الحصول على نساء جميلات للجماع فقط وإنما شرع من أجل حل مشكلات اجتماعية موجودة فى المجتمع
وأرى أن التعدد يكون مستحسنا فى حالة الحكام والقضاة كى يضربوا لبعض الناس من القادرين ماليا المثل والقدوة فى الزواج من المضروررات وهن صاحبات الاعاقة وكذلك فى الزواج من المطلقات والأرامل لأن ترك النساء فى تلك الأحوال وهى :
الترمل والطلاق والضرر وهو الاعاقة يؤدى لمشكلات أخرى وهى :
ارتكاب الزنى سواء بينهن وهو ما يسمونه السحاق خطأ أو بينهن وبين الرجال المصابين بمرض كفرى فى قلوبهم
بالطبع الله أباح لبعض النساء ممن زهدن فى الجماع القعود عن الزواج ولكن الراغبات فى الجماع لابد من صرف شهوتهن فى الحلال بالزواج ولا يجوز للأبناء منع الأمهات أو الأباء من الزواج حرصا على الورث أو حرصا على جعلهم يقومون بتربية أولادهم بدلا منهم فهؤلاء العاقين الذين يمنعون الآباء والأمهات من الزواج يجنون عليهم بالمرض لأن من يقوم بكتم شهوته لابد أن يصاب بأمراض متعددة فى الجسم لأن المنى وهو فضلة من فضلات الجسم يتراكم داخله ولا يجد له مخرجا ومن ثم يتحول لمواد ضارة تجلب المرض للآباء والأمهات الذين ما زالت الرغبة فى الجماع موجودة فيهم
والمعددون حاليا معظمهم لا يتزوجون لسبب من تلك الأسباب التى عدد بعض الرسل(ص) من أجلها وإنما لأسباب أخرى فالبعض يعددون لمجرد الشهوة فقط والبعض يعدد لانجاب جيش من البنين يظن أنه يدفع الضرر عنه مستقبلا من قبل الناس كما قال الكافر :
" أنا أكثر منك مالا وأعزا نفرا"
والبعض يعدد من أجل أن تعمل الزوجات بدلا منه ويقوم بأخذ مكاسبهن من العمل وهو أمر يتعارض مع وجوب نفقته هو عليهن وهن قاعدات فى بيوت الزوجية كما قال سبحانه :
" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"